فقال له ما هذا؟ فأخبره بقضيته مع الوالي، فغضب على الوالي وأمر بخلع أخفافه من رجليه وصفعه بهما، حتى تقطعا على قفاه، وصرفه من الولاية. وأطلع الشيخ أبا الحسن على قضية المأمون وأخيه؛ فقال يا مولانا: هما نشو أيامك ومماليك دولتك. فقال لبعض الأستاذين خذ هذا الشيخ وصوبه إلى المذكورين لينظرهما في اعتقالهما وينقطع رجاؤه منهما. فأدخله إليهما، فرآهما مكبلين في الحديد، وعليهما احتياط عظيم، فأنشأ للوقت سجلاً كان من استفتاحه: أما بعد؛ فإن محمد بن فاتك استنجح فما نجح، واستصلح فما صلح؛ وجهل رفع قدره فغدا لهبوط، وقابل الإحسان إليه بدواعي القنوط. وكل ذلك في تلك الليلة.
فلما أصبح الصباح جلس الخليفة في الشباك بالإيوان، ونصب كرسي الدعوة أمامه، وطلع قاضي القضاة عليه وقرأه بعد اجتماع الأمراء وأرباب الرتب والعوام؛ فلم ينتطح فيها عنزان.
ويقال إن الخليفة كان يقول: أعظم ذنوبه عندي ما جرى منه في حق صور وإخراجها من يد الإسلام إلى الكفر.
وبقيا في الاعتقال، هما وأميران اتهما، في خزانة البنود. وسير لإحضار الذي كان أنفذه المأمون إلى اليمن ليقتلهم جميعا. وتفرغ الآمر لنفسه، ولم يبق له فعل ولا مزاج، وبقي بغير وزير.
وأقيم صاحبا ديوان الاستخراج بما يجب من زكاة ومقس أحدهما مسلم يقال له