للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمود الذى لها خمسون ذراعا بذراع العمل (١)، وبلغت النفقة عليها عشرة آلاف ألف دينار. وللشعراء فيها عدة مدائح.

وكان الأفضل يقول الشعر. فمن شعره فى غلامه تاج المعالى:

أقضيب يميس، أم هو قدّ … أو شقيق يلوح، أو هو خدّ

أنا مثل الهلال خوفا عليه … وهو كالبدر حين وافاه سعد

وكان شديد الغيرة على نسائه. اطّلع من سطح داره فرأى جارية من جواريه متطلعة إلى الطريق، فأمر بضرب عنقها. فلما وضعت الرأس بين يديه أنشد:

نظرت إليها وهى تنظر ظلّها … فنزّهت نفسى عن شريك مقارب

أغار على أعطافها من ثيابها … ... ومن مسك (٢) لها فى الذّوائب

ولى غيرة لو كان للبدر مثلها … لما كان يرضى باجتماع الكواكب

قال: وكان عدّة الوعّاظ والقراء والمنشدين فى عزاء الأفضل أربعمائة وعشرين شخصا، فخرج أمر الخليفة أن يعطى كلّ واحد منهم ثمانين دينارا، الصغير مثل الكبير؛ فقال ابن أبى قيراط: يا مولانا، هذا مال كثير. فقال: إنفاذ أمرنا هذا من بعض حقّه علينا. فجاء مبلغ ما دفع نحوا من أربعة وثلاثين ألف دينار.


= - عظيمة تدل على عظيم مملكة وقوة قدرة، وأنى يتأتى مثل هذه الخيمة لملك من الملوك وإن جل قدره وعظم شأنه. وممن ذكر هذه الخيمة فى مناسبة مدح الأفضل أبو جعفر محمد بن هبة الله الطرابلسى، فقال:
ضربت خيمة عز فى مقر علا … أوفت على عذبات الطود ذى القنن
جاءت مدى الطرف، حتى خلت ذروتها … تأوى من الفلك الأعلى إلى سكن
زينت بأروع، لا تحصى فضائله … ماض من المجد والعلياء فى سنن
وعد على السعد أن النصر يضربها … بالصين، بعد فتوح الهند واليمن
كما ذكرها أبو على حسن بن زيد الأنصارى من كتاب ديوان الإنشاء، فقال:
أخيمة ما نصبت اليوم أم فلك؟ … ويقظة ما نراه منك أم حلم؟
ما كان يخطر فى الأفكار قبلك أن … تسمو علوا على أفق النهى الخيم
إن الدليل على تكوينها فلكا … أن احتوتك، وأنت الناس كلهم
انظر: نهاية الأرب: ٢٨؛ صبح الأعشى: ١٣٨:٢، ٤٧١:٣.
(١) وطوله ثلاثة أشبار بشبر رجل معتدل، يقول القلقشندى: ولعله الذراع الذى كان يقاس به أرض السواد بالعراق. صبح الأعشى: ٤٤٢:٣ - ٤٤٣.
(٢) يبدأ هذا الشطر قبل هاتين الكلمتين ببياض فى الأصل يتسع لكلمة واحدة لم أهتد إليها فيما بين يدى من مراجع لم أجد هذه الأبيات الثلاثة فيها.