الذين حملوا أباه الحافظ على قتله. وقدم بهرام بالحشد كما تقدم، فوجد حسناً قد مات، فمسكه الأجناد بظاهر القاهرة وأدخلوه على الحافظ لدين الله في يوم الخميس، بعد العصر، الحادي عشر من جمادى الآخرة، لتولية الوزارة؛ فخلع عليه في يوم الأحد، رابع عشره، ثم خلع عليه ثانيا يوم الخميس ثامن عشره، خلع الوزارة، ونعت بسيف الإسلام تاج الخلافة، وهو نصراني، مع كراهة الحافظ لذلك، لتسكن الفتنة، ولم يرد إليه شيئاً من الأمور الشرعية. فلم يدخل في مشكل لأنه كان عاقلا سيوساً حسن التدبير.
وتقدم كثير من حواشي الحافظ إليه ينكرون عليه ولاية بهرام مع كونه نصرانيا، وقالوا: لا يرضى المسلمون بهذا، ومن شرط الوزير أن يرقى مع الإمام المنبر في الأعياد ليزرر عليه المزررة الحاجزة بينه وبين الناس، والقضاة نواب الوزير من زمن أمير الجيوش، ويذكرون دائماً النيابة عنه في الكتب الحكمية النافذة إلى الآفاق وكتب الأنكحة. فقال: إذا رضينا نحن فمن يخالفنا؛ وهو وزير السيف؛ وأما صعود المنبر فيستنيب عنه قاضي القضاة؛ وأما ذكره في الكتب الحكمية فلا حاجة إلى ذلك ويفعل فيها ما كان يفعل قبل أمير الجيوش.
فشق على الناس وزارته، وتطاول النصارى في أيامه على المسلمين. وكان هو قد أحسن السيرة وساس الرعية، وأدى الطاعة للخليفة، وأنفق في الجند جملةً من الأموال، ودبر الأمور فاستقامت له الأحوال، وراسله الملوك، وزال ما كان في البلد من الفتن؛ فلم ينكر عليه سوى أنه نصراني.
وكان يقعد يوم الجمعة عن الصلاة فلا يحضر، بل يعدل إلى دكان بمفرده حتى يصلي الخليفة بالناس. وأقبل الأرمن يردون إلى القاهرة ومصر من كل جهة حتى صار بها منهم عالم عظيم. ووصل إليه ابن أخيه، وكان يعرف بالسبع الأحمر، فكثر القيل والقال؛ وأطلق أسيراً من الفرنج كان من أكابرهم، فأنكر الناس ذلك ورفعوا فيه النصائح للحافظ، وأكثروا من الإنكار.