للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميامن كافلة ضامنة، من أمر المواريث وما أجراها عليه الحكام الدّارجون بتغاير نظرهم، وقرّروه من تغيير عمّا كان يعهد بتغلّب آرائهم، وما دخل عليها منهم من الفساد، والخروج بها عن المعهود المعتاد؛ وهو أن لكلّ دارج من الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين مذاهبهم واعتقاداتهم تحمّل ما يترك من موجوده على حكم مذهبه فى حياته والمشهور من اعتقاده إلى حين وفاته؛ فيخلص لحرم ذوى التشيّع الوارثات جميع موروثهم؛ وهو المنهج القويم لقول الله سبحانه: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (١). ويحمل من سواهنّ على مذهب مخلّفيهنّ، ويشركهم بيت مال المسلمين فى موجودهم، ويحمل إليه جزء من أموالهم التى أحلّها الله لهنّ بعدهم، عدولا عن محجّة الدّولة، وخروجا عما جاء به العباد من الأئمة الذين نزل فى بيتهم الكتاب والحكمة، فهم قراء القرآن، وموضحو غوامضه ومشكلاته بأوضح البيان، وإليهم سلّم المؤمنون، وعلى هديهم وإرشادهم يعوّل الموقنون؛ فلم يرض أمير المؤمنين الاستمرار فى ذلك على قاعدة واهية الأصول، بعيدة من التّحقيق خالية من المحصول، ولم ير إلاّ العود فيه إلى عادة آبائه المطهّرين، وأسلافه العلماء المهديّين، صلوات الله عليهم أجمعين. وخرج أمره إلى السّيد الأجلّ المأمون بالإيعاز إلى القاضى ثقة الملك النّائب فى الحكم عنه، بتحذيره، والأمر له بتحذير جميع النواب فى الأحكام بالمعزّيّة القاهرة ومصر وسائر الأعمال، دانيها وقاصيها، قريبها ونائيها، من الاستمرار على تلك السنّة المتجدّدة، ورفض تلك القوانين التى كانت معتمدة واستئناف العمل فى ذلك بما يراه الأئمة المطهرة، وأسلافه الكرام البررة، وإعادة جميع مواريث النّاس على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم إلى المعهود من رأى الدّولة فيها، والإفراج عنها برمّتها لمستحقّيها، من غير اعتراض عليهم فى قليلها ولا كثيرها؛ وأن يضربوا عمّا تقدّم صفحا، ويطووا دونه كشحا، منذ تاريخ هذا التوقيع، وفيما يأتى بعده مستمرّا غير مستدرك لما فات ومضى، ولا متعقب لما ذهب وانقضى».

«وليوف الأجلّ المأمون، عضّد الله به الدّين، بامتثال هذا المأمور، والاعتماد على مضمون هذا المسطور؛ وليحذّر كلاّ من القضاة والنوّاب، والمستخدمين فى الباب، وسائر


(١) سورة الأنفال: آية: ٧٥.