للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريب وبعيد وحاضر وباد؛ ولتفرّغ منه النّسخ إلى جميع النوّاب عنه فى الأعمال، وليجلّد فى مجلس الحكم بعد ثبوته فى ديوانى المجلس والخاصّ الآمرى، وحيث يثبت مثله إن شاء الله تعالى حجة مودعة فى اليوم وما بعده. وكتب لليلتين بقيتا من ذى القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة».

ثم حضر الفقيه أبو بكر لوداع الوزير (١)، وعرّفه ما عزم عليه من إنشاء مسجد بظاهر الثّغر على البحر، فكتب إلى ابن حديد بموافقة الفقيه على موضع يتخيّره، وأن يبالغ فى إتقانه وسرعة إنجازه، وتكون النفقة عليه من مال ديوانه دون مال الدولة. وتوجّه فبنى المسجد المذكور على باب البحر. وأما المسجد الذى بالمحجّة فإن المؤتمن عند مقامه بالثّغر بناه.

وذكر للمأمون أيضا أن واحات البهنسا (٢) ليس بها جمعة تقام، فأمر ببناء جامع بها، ففرغ منه وأقيم فيه خطيب وإمام وقومة ومؤذّنون، وأطلق لهم ما هى عادة أمثالهم.

وقيل إنّ الذى أنشأه المأمون فى وزارته وفى أيام الأفضل أحد وأربعون مسجدا، مع ما أمر بتجديده، بعد وزارته، بالقاهرة ومصر وأعمالهما ما يناهز مائتى مسجد.

فيه بنيت دار ضرب بالقاهرة (٣) ودار وكالة (٤).


(١) فى إحدى زيارات الفقيه للوزير بسط مئزرا كان معه وجلس عليه، وكان إلى جانب الأفضل رجل نصرانى، فوعظ الفقيه الأفضل حتى بكى، ثم أنشد:
يا ذا الذى طاعته قربة … وحقه مفترض واجب
إن الذى شرفت من أجله … يزعم هذا أنه كاذب
وأشار إلى النصرانى، فأقامه الأفضل من موضعه. وفيات الأعيان: ٥٧٩:١.
(٢) يقول ياقوت إنها مدينة بالصعيد الأدنى غربى النيل، وتضاف إليها كورة كبيرة، وليست على ضفة النيل، وبظاهرها مشهد يزار يزعم الناس أن المسيح وأمه أقاما به سبع سنين. وهى اليوم فى محافظة المنيا على الشاطئ الغربى لبحر يوسف. وإليها كان يجلب الشب من الواحات، وفيها كانت تعمل الستور البهنسية وينسج المطرز والمقاطع السلطانية، وكان طول الستر الواحد ثلاثين ذراعا وقيمة الزوج منه مائتى مثقال من الذهب. المواعظ والاعتبار: ١ ٢٣٧؛ صبح الأعشى: ٣٩٣:٣؛ معجم البلدان: ٣١٦:٢؛ النجوم الزاهرة: ٢٩٧:٥؛ قوانين الدواوين: ٨١، ٣٢٨، ٣٤٤ - ٣٤٥.
(٣) بحى القشاشين الذى أصبح يعرف أيام المقريزى بحى الخراطين، قبالة البيمارستان. بناها الآمر واستخدم فيها العدول، وصار دينارها أعلى عيارا من جميع ما يضرب بجميع الأمصار. وكانت دار الضرب تصدر فى المواسم دنانير خاصة بها للتفرقة على أمراء الدولة وأعيانها، ومن هذه الدنانير الخاصة: دينار الغرة - غرة العام - ودينار خميس العدس. وكان يتولى الإشراف المباشر على دور الضرب قاضى القضاة لاهتمام الفاطميين بضبط العملة. المواعظ والاعتبار: ٤٤٥:١.
(٤) أنشأها المأمون البطائحى - بجوار دار الضرب - لمن يصل من العراقيين والشاميين وغيرهم من التجار، ولم يسبق إلى ذلك. نفس المصدر: ٤٥٠:١ - ٤٥١.