للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمع؛ وفى داخل القاعة بالقصر أيضا جماعة فيهم بزغش وقد شقّ عليه تقدّم هزار الملوك وتقلّده الوزارة؛ فنظر إلى أبى على أحمد بن الأفضل، الملقّب كتيفات، وهو جالس، فقال: يا مولاى الأجل، أنا أشحّ عليك أن تطيل الجلوس حتى يخرج هذا الفاعل الصّانع وزيرا فتخدمه ويسومك المشى فى ركابه؛ اخرج إلى دارك، وإذا قضى الله مضيت منها لهنائه.

وكان ظاهر هذا القول مكارمة أبى على وباطنه أنّه علم أن أكثر العسكر الواقفين بين القصرين لا يرغبون وزارة هزار الملوك؛ فدبّر أنّهم إذا وقعت أعينهم على أبى علىّ تعلّقوا به وأقاموه وزيرا، فيفسد أمر هزار الملوك. فقام أبو علىّ ليخرج، فمنعه طغج، أحد نوّاب الباب، وكان فطنا ذكيا؛ فقال له بزغش: لم تمنع هذا المولى من الخروج؟ فقال: كيف لا أمنعه من الخروج إلى هذا الجمع ولا يؤمن تعلّق العسكريّة فيقع له ما وقع للآخر. فهزّه بزغش وقال له: دع عنك الفضول. وقام بنفسه وأخرجه إلى آخر دهاليز القصر؛ فما هو إلاّ أن خرج من باب القصر ورآه رضوان بن ولخشى والجماعة، وقد علموا أن هزار الملوك قد خلع عليه للوزارة وأنّه سيخرج إليهم، فتواثبوا إلى أبى علىّ وقالوا هو الوزير بن الوزير بن الوزير. وأراد أن ينفلت منهم واعتذر أنه شرب دواء، فلم يقبل منه؛ وطلب له فى الحال خيمة وبيت صدار، فضربت فى جانب من بين القصرين، وأدخلوه فيها.

وقام الصّالح وثار العسكر بموافقتهم على وزارته والرّضا به، وصاحوا أن لا سبيل أن يلى علينا هذا الصّانع الفاعل، وأعلنوا بشتمه. فغلقت أبواب القصر كلها واشتدّ الأمر؛ فأحضر ضرغام وأصحابه سلالم وأقاموها إلى طاقات المنظرة، وأطلقوا عليها أميرا يقال له ابن شاهنشاه، فلما أشرف على طاق المنظرة جاء أستاذو الخليفة وأنكروا عليه فعله؛ فقال هذه فتنة تقوم ما تسرّ، فما الذى خلعتم عليه! ويحصل من ذلك على الخليفة من العوامّ وسوء أدب جهّال العسكر ما لا يتلافى؛ وما هذا شيء والله إلاّ نصيحة لمولانا، فإنّنى قد علمت من رأى القوم ما لا علمتم. أخبروا مولانا عنى بهذا.

فمضى الأستاذون إلى الحافظ وأبلغوه ما قال ابن شاهنشاه وهزار الملوك بين يديه بخلع الوزارة يسمع القول؛ فقال له الحافظ: ها أنت (ذا) تسمع ما يقال. فقال: يا مولانا، أنا فى