للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باسمه ونقش عليها: الله الصمد الإمام محمّد. وخطب بنفسه فى يوم الجمعة، وكان أكثر خلق الله تخلّفا وأقلّهم علما، فغلط فى الخطبة غلطة فاحشة صحّفها فلم ينكر عليه أحد.

واشتدّ ضرره على أهل القصر من الإرعاد والإبراق، وأكثر من إزعاجهم والتّفتيش على ولد الآمر وعلى يانس، صاحب الباب، وعلى صبيان الخاصّ الآمرية. وأراد أن يخلع الحافظ ويقتله بمن قتله الآمر من إخوته. وكان الآمر لمّا احتاط على موجود الأفضل بعد قتله بلغه عن أولاد الأفضل كلام فى حقّه يستقبح ذكره، فأقام عليهم الحجّة عند ما مثلوا بحضرته، وقال: أبوكم الأفضل غلامى ولا مال له. فسفه عليه أحدهم؛ فغضب وقتلهم.

فأراد أبو على بتفتيشه على الحمل الّذى ذكر أنه من الآمر أن يظفر به ليقتله بإخوته؛ فلم يظهر الحمل، ولا قدر أيضا على قتل الحافظ ولا خلعه، فاعتقله كما تقدّم، وخطب للقائم المنتظر تمويها. فنفرت قلوب أهل الدّولة منه، وقامت نفوسهم منه. وتعصّب قوم من الأجناد من خاصّ الخليفة، بترتيب يانس لهم، وتحالفوا سرّا على قتله، وكانوا أربعين رجلا، وصاروا يرتقبون فرصة ينتهزونها.

وفيها قبض على جعفر بن عبد المنعم بن أبى قيراط وعلى أبى يعقوب ابراهيم السّامرى، ونهب الجند دورهما؛ وحبسا فى حبس المعونة، ثم أخرجا ميتين (١).


(١) وهما الكاتبان اللذان عينهما الآمر بأحكام الله فى ديوان استخراج الزكاة والمكوس عقب اعتقال المأمون البطائحى الوزير، وأولهما مسلم والآخر يهودى وقد سبقت الإشارة إلى ذلك. ودار المعونة المشار إليها داران إحداهما بالفسطاط والأخرى بالقاهرة. واسم الدار مأخوذ من ظروف إنشائها إذ أنها بنيت فى الأصل على زمن قيس بن سعد ابن عبادة الأنصارى بمعونة المسلمين لينزلها ولا تهم، ثم جعلت دارا للشرطة، ثم حولت فى زمن العزيز بالله إلى سجن عرف باسم حبس المعونة. وعند ما تولى صلاح الدين الأيوبى شئون مصر حولها إلى مدرسة للشافعية. وأصبحت تعرف على زمن المقريزى باسم المدرسة الشريفية. وحبس المعونة بالقاهرة كان يسجن فيه أرباب الجرائم من السراق وقطاع الطريق ونحوهم فى عصر الفاطميين، وكان سجنا ضيقا شنيعا يشم بالقرب منه روائح كريهة. أما الأمراء والأعيان فكانوا يسجنون بخزانة البنود. المواعظ والاعتبار: ٤٦٣:١، ١٨٧:٢، ١٨٨.