للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحافظ، فإذا هو مسجى بثوب ملاءة، فكشف عن وجهه وأخرج من وسطه سكينا (١) وغرزه فى عدّة مواضع من بدنه حتّى تيقّن أنّه ميّت، وانصرف إلى أصحابه وأخبرهم فتفرّقوا (٢).

وكان تاج الدولة بهرام الأرمنىّ قد انفلت من حسن بن الحافظ وولى الغربية؛ فلمّا علم أن النّفوس جميعها من البدو والحضر قد انحرفت عن حسن جمع مقطعى الغربيّة والأرمن والعربان وطلب القاهرة، ويقال كان ذلك بمباطنة من الحافظ، فما وصل إلى القاهرة حتى غابت حشوده فى القرى والضّياع ونهبوها.

وعند ما وصل إلى القاهرة، يوم الخميس وقت العصر، الحادى عشر من جمادى الآخرة التفّ عليه من بها من الأمراء والأجناد وأبادوا أكثر الجيّوشية والإسكندرانيّة والفرحيّة ومن يقول بقولهم من الغزّ الغرباء (٣). ونهب أوباش النّاس ما قدروا عليه.

ولمّا قتل حسن وسكنت الدّهماء قبض الحافظ على الطّبيب ابن قرقة وقتله بخزانة البنود، وارتجع جميع أملاكه وموجوده، وكان يلى الاستعمالات بدار الدّيباج وخزائن السّلاح والسّروج. وأنعم على أبى منصور الطبيب وجعله رئيسا على اليهود وصارت له نعم جليلة.

وفيها كانت وزارة بهرام الأرمنىّ النّصرانىّ الملقّب تاج الدّولة. وكان السّبب فى ولايته الوزارة أنه جرت فتنة بين الأجناد والسّودان عند ما قتل حسن بن الحافظ قوى فيها السّودان على الأجناد وأخرجوهم من القاهرة، فإنّ السّودان كانوا مع حسن دون الأجناد، فإنّهم


(١) فى النجوم الزاهرة: ٢٤٣:٥: وأخرج من وسطه بارشينا.
(٢) يقول النويرى: «فسقاه أبوه سما، فمات، وجعله على سرير، وأمر الأمراء بمشاهدته، فدخلوا عليه ورأوه فسكنوا؛. نهاية الأرب: ٢٨. ويقول ابن الأثير: «فجرحوا أسافل رجليه فلم يجر منها دم فعلموا موته». الكامل: ٨:١١ - ٩. وكان الشعراء قد هجوا الأمير حسن بن الحافظ لظلمه وسفكه الدماء فمن ذلك ما قاله المعتمد بن الأنصارى:
لم تأت يا حسن بين الورى حسنا … ولم تر الحق فى دنيا ولا دين
قتل النفوس بلا جرم ولا سبب … والجور فى أخذ أموال المساكين
لقد جمعت بلا علم ولا أدب … تيه الملوك وأخلاق المجانين
الكامل: ٩:١١.
(٣) يقول النويرى: إن بهرام كان والى الغربية وإنه سار عنها مجدا إلى أن وصل القاهرة وحاصرها يوما واحدا ودخلها. نهاية الأرب: ٢٨.