للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخنس الأنف، منتشر المنخرين، كبير الشفتين. فأجلسه الصالح في البادهنج، وكان عمره إحدى عشرة سنة. ثم أمر صاحب خزانة الكسوة أن يحضر بذلة ساذجة خضراء، وهي لبس ولي العهد إذا حزن على من تقدمه، وقام وألبسه إياها.

وأخذوا في تجهيز الفائز؛ فلما أخرج تابوته صلى عليه وحمل إلى التربة. وأخذ الصالح بيد عبد الله وأجلسه إلى جانبه، وأمر أن تحمل إليه ثياب الخلافة، فألبسها؛ وبايعه، ثم بايعه الناس؛ ونعته بالعاضد لدين الله. وذلك يوم الجمعة الثامن عشر من شهر رجب سنة خمس وخمسين. وأبوه أحد الأخوين اللذين قتلهما الوزير عباس.

ولما بويع العاضد ركب وحملت على رأسه المظلة؛ وركب الصالح بين يديه، وخرج من التربة قاصداً قصره. وكانت عادة الخلفاء أنه إذا ورد البشير إلى أخص أهل من يبايع يعطى ألف دينار؛ فلما بويع العاضد حضر المبشر إلى عمته فأعطته نزراً، فلما راجعها في الزيادة أبت عليه؛ فسئلت في السبب فقالت: هذا قاطع الخلفاء. وهكذا كان.

واستقر العاضد اسماً والصالح معنىً، فتمكن وقويت حرمته، واستولى على الدولة وتمكن منها، ونقل جميع أموال القصر إلى دار الوزارة، وأساء السيرة باحتكار الغلات، فوقع الغلاء وارتفعت الأسعار؛ وأكثر من قتل أمراء الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>