للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأهراء (١) والبيع منها على الناس بأوسط الأثمان، فلم يمض الوزير بذلك، وأخذ يهين حواشى الخليفة إذا حضروا إليه ويقدح فى مذهبه، لأنه كان سنيا، وكان أخوه الأوحد إبراهيم إماميّا.

فلما كثر ذلك منه انزعج الخليفة ولم يظهر تغيّرا، و (أخذ) (٢) يعمل فى الخلاص منه؛ فتنافر كلّ منهما من الآخر.

وكان رضوان خفيفا طائشا لا يثبت، فهمّ بخلع الحافظ وقال ما هو بخليفة ولا إمام، وإنما هو كفيل لغيره، وذلك الغير لم يصحّ. وأحضر الفقيه أبا الطّاهر ابن عوف وابن أبى كامل فقيه الإماميّة وابن سلامة داعى الدّعاة، وفاوضهم فى الخلع واستخلاف شخص عيّنه لهم؛ وألزم كلاّ منهم أن يقول ما عنده. فقال ابن عوف: الخلع لا يجوز إلا بشروط تثبت شرعا. وقال ابن أبى كامل: السلطان، أبقاه الله، يحملنى على أن أتكلّم على غير مذهبى فى الإمامة. قال: لأجل عمل مذهبك؟ فقال: مذهبى معلوم، يعنى أن الإماميّة لا يعتقدون حقّ الخلافة فى بنى إسماعيل بن جعفر، لموته فى حياة أبيه وانتقال الإمامة للحاضر من إخوته، ولأنه لا ينبغى لمن لم تكن له إمامة أن يخلع. فخلص من هذا وقال الدّاعى: أنا داعى ومولى لهم، وما يصحّ لى خلعه، فإنى أصير فيما مضى كأنّى أدعو لغير مستحقّ، فأكون قد كذّبت نفسى فلا أقبل الآن وأستخصم بذلك، ولا يؤثّر قولى فيما تريدون؛ ولم تجر العادة على الفاطميّين بخلع حتى نأتى به.

فقابله على هذا القول بالسّبّ وإقامته أقبح قيام. فقال الفقيه النحّاس، وكان حاضرا،


= - ابن مماتى أن النيل إذا أوفى ستة عشر ذراعا فقد وجب الخراج، وإذا زاد على ذلك ذراعا زاد الخراج مائة ألف دينار، فإن نقص ذراعا نقص الخراج مائة ألف دينار، ويزيد على ذلك أن الأحوال فى عهده اختلفت لتغير الأحوال. قوانين الدواوين: ٧٦. وفى صبح الأعشى: ٢٩٠:٣ - ٢٩٣ حديث عن تفاوت ارتفاع النيل يشير فيه إلى مقادير الزيادة والنقصان المعتادة والشاذة. ويذكر المقريزى أن عمرو بن العاص كتب إلى ابن الخطاب يذكر أن أقل حد للرى دون خوف القحط اثنا عشر ذراعا وأوسطه ستة عشر ذراعا والنهايتان المخوفتان للقحط أو الاستبحار اثنا عشر ذراعا وثمانية عشر ذراعا. المواعظ والاعتبار: ٥٨:١ - ٥٩.
(١) الأهراء جمع هرى بضم الهاء وسكون الراء، بيت كبير يجمع طعام الخليفة أو السلطان، والمكان الذى تخزن به الغلال والأتبان احتياطا للطوارئ ولها الحماة من الأمراء والمشارفين من العدول، والمراكب واصلة إليها باصناف الغلات إلى ساحل مصر وساحل المقس، ومنها إطلاق الأقوات لأرباب الرتب والخدم والصدقات والجوامع والمساجد والعبيد السودان ورجال الأسطول ودار الضيافة للرسل والوافدين. قوانين الدواوين: ٣٥٠، ٤٥٢؛ المواعظ والاعتبار: ٤٦٤:١ - ٤٦٥.
(٢) زيد ما بين القوسين لأن السياق يقتضيه أو نحوه.