للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروف بصدر الباز، فإذا فيها حنش من ذهب زنته ستة مثاقيل ونصف مثقال، وعيناه من ياقوت أحمر، وفى فمه جرس من ذهب. فأعلم به الحافظ، فلم يزل يبحث عن خبره حتّى أحضرت له عدّة أحناش كبار، وأخرج ذلك الحنش المذكور فجعلت الأحناش الكبار تخرج رءوسها ثم تحركها مرّة أو مرّتين وتسقط ميتة.

وكان الحافظ حريصا على علم السّيمياء. فظهر فى أيّامه الشيخ أبو عبد الله الأندلسى، شيخ بنى الأنصارى أوحد زمانه فى علم السّيمياء، فسأله الحافظ أن يريه شيئا من ذلك؛ فأراه ساحة القصر قد صارت لجّة ماء، فيها سفينة متعلقة وشوانى حريبات قد خرجت على تلك السفينة وقاتلت أهلها؛ والحافظ يرى لمعان السّيوف ومرور السّهام وخفقان البنود، ورءوس الرّجال وهى تسقط عن كواهلها، والدماء تسيل؛ حتى سلّم أصحاب السّفينة لأصحاب الشوانى فساروا بها والأبواق تزعق والطّبول تضرب، إلى أن غابت عن الأبصار فى لجج البحار. ثم كشف عن الحافظ فإذا هو قصره. ثم أمره أن يريه شيئا آخر: فقال: لنخرج من فى مجلس أمير المؤمنين إلى منزله؛ فأمرهم؛ فخرجوا حتى صاروا إلى حيث خيولهم واقفة بباب القصر، فلما قدمت إليهم ليركبوا فما منهم إلاّ من رأى فرسه كأنه ثور وقرناه كأعظم ما يكون من القرون؛ فعادوا إلى الحافظ وأعلموه بما رأوا، فضحك وقال: افدوا دوابكم منه. فقطع كلّ واحد منهم على نفسه شيئا فأمر له به.

وما زال مقيما بمصر حتّى مات.

وكان فى أيّام الحافظ أيضا ابن محفوظ، سأله أن يريه شيئا من أعماله؛ فأمر بأربعة أطباق فضة أن تحضر، فلمّا وضعت بين يديه امتلأت ياسمينا فى غير أوانه، وصار يعلو على كلّ طبق وهو مرصوص متماسك بعضه فوق بعض، إلى أن صار كأربعة أعمدة من رخام متقابلة (١).


(١) يذكر النويرى نقلا عن بعض المؤرخين أن الحافظ خطر بباله أن ينقل رسول الله، ، من المدينة إلى القاهرة، وكانت المدينة إذ ذاك يخطب بها لبنى العياس لظهور ملوك الدولة السلجوقية، فأرسل نحوا من أربعين رجلا من أهل النجدة والقدرة، فتوجهوا إلى المدينة وأقاموا بها مدة، وتحيلوا بأن حفروا سربا من مكان بعيد وعملوا حساب الخروج فى المكان المقصود، فعصم الله تعالى نبيه، ، من أن ينقل من المكان الذى اختاره له، فيقال إن السرب انهار عليهم فهلكوا، وقيل بل سعى بهم فأهلكوا.