الجاولي من أصحابه فلم ينزل إلا بالإسكندرية، وتفرق منهم عدد؛ فولي شيركوه وقد قتل من أصحابه جماعة وقتل من أهل الإسكندرية كثير.
وكان سبب الخلل في عسكر شيركوه أنه فرق أصحابه فرقتين، فرقة معه وفرقة مع ابن أخيه صلاح الدين يوسف.
ثم إنهم تجمعوا وقت الظهر ووطنوا أنفسهم على الموت، وحملوا على شاور ومن معه فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، وأبلى يومئذ صلاح الدين يوسف بلاءً حسنا وحمل حملات فرق بها الجموع وبدد شملها. وحمل شاور على عسكر شيركوه فكسر القلب، فتلاحقت الميمنة بمن كان في القلب؛ واستمر القتال حتى حال بين الفريقين الليل، فانهزم كثير من الفرنج وقتل منهم كثير، وكاد ملكهم أن يؤخذ، ووقع في قبضة شيركوه وأصحابه نحو السبعين أسراً.
وبات الفريقات وقد تبين الوهن في الفرنج، فسار شاور بمن معه إلى منية بني خصيب.
وكانت هذه الواقعة في موضع يعرف بالبابين، بالقرب من الأشمونين، في يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة.
ثم إن شيركوه سار بأصحابه على طريق الفيوم إلى الإسكندرية وانتهب البحيرة، وأخذ عسكره غلالها ومواشيها؛ فخدمه ابن الزبير، متولي ديوان الإسكندرية، وحمل إليه الأموال وقواه بالسلاح؛ وأقام متخوفاً من مسير شاور إليه، فترك بالإسكندرية صلاح الدين يوسف وخرج إلى الصعيد وجبى أموال البلاد. فخرج شاور ونزل على الإسكندرية وحاصرها أشد حصار مدة ثلاثة أشهر، ومنع عنها الميرة، فقلت بها الأقوات. هذا وشيركوه في جباية أموال الصعيد وأخذ غلاله.