للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعور النساء تستصرخ به على عباس (١)؛ وكتب إليه أيضا الجليس بن الحباب (٢).

فامتعض عند وقوفه على الكتب ورؤية شعور النساء، وجمع العربان والأجناد مقطعى البلاد.

وبلغ ذلك عبّاسا، فخرج من القاهرة بالعساكر فى عاشر صفر، وجعل ابنه ناصر الدين بالقاهرة، وأنفذ إلى طلائع بحسين بن أبى الهيجاء، زوج ابنته (٣)، ليردّه عمّا عزم عليه.

فلمّا خلا به قال له: تقاتل عبّاسا وله خمسة آلاف مملوك!! قال: أقاتله بنفسى ونفسك.

قال: أما الآن فنعم. ففتّ ذلك فى عضد عبّاس لشهرة حسين وشجاعته.

وعند ما نزل عباس إلى إطفيح فى بكرة يوم الثلاثاء، خامس عشره، لحق أعراب إطفيح بابن رزّيك، فوافوه على أبويط (٤)، فسار بهم ونزل دهشور (٥)، فاضطرب عبّاس ورجع إلى القاهرة، وتفرّق عنه الناس إلى طلائع بن رزّيك، وصار من أهل البلد فى مناكدة. وغلقوا أبواب القاهرة ووقع القتال فى الشوارع، فاستظهر عليهم عبّاس وفتحوا الأبواب وقد تحقق عداوة الأمراء والجند له.

واتفق أنه مرّ يوما فرمى من طاق ببعض الشوارع بهاون، ورمى مرّة بقدر مملوءة طعاما حارّا؛ فقال: ما بقى بعد هذا شيء. وعزم على الفرار فلم يقدر، وغلقت أبواب القاهرة.

واشتغل الناس بهذا الحادث وهو يدبّر فى الخروج من القاهرة، فأشار عليه بعض خواصّه بتحريق القاهرة فأبى وقال: يكفى ما جرى. فلمّا عدّى طلائع بن رزّيك إلى حمول عوّل


(١) يذكر النويرى أنه كان يتولى السيوطية، وقيل منية ابن خصيب. ويذكر أبو المحاسن أنه كان يتولى منية ابن خصيب. وتنسب منية ابن خصيب إلى الخصيب بن عبد الحميد والى خراج مصر زمن هارون الرشيد، وكانت جزءا من ولاية الأشمونين. ويذكر ابن الأثير أن منية ابن خصيب لم تكن من الأعمال الجليلة وإنما كانت أقرب الأعمال إليهم، هذا إلى أنه كان فى طلائع شهامة. الكامل: ٧٣:١١؛ قوانين الدواوين: ١٩٢؛ النجوم الزاهرة: ٣٠٩:٥؛ المواعظ والاعتبار: ٢٠٥:١.
(٢) أبو المعالى عبد العزيز بن الحسين بن الحباب الأغلبى السعدى التميمى المصرى، من ذرية بنى الأغلب سلاطين إفريقية. تولى ديوان الإنشاء فى مصر مع الموفق بن الخلال للخليفة الفاطمى الفائز. وسمى الجليس لمجالسته خلفاء مصر. كتاب الروضتين: ٢٩٢:١، ٥٠٧ - ٥٠٨؛ فوات الوفيات: ٢٧٨:١؛ النجوم الزاهرة: ٢٩٢:٥، ٣٧١، النكت العصرية: ٤٣؛ خريدة القصر قسم شعراء مصر: ١٨٩:١ - ٢٠٠.
(٣) زوج ابنة طلائع بن رزيك. استعانة بما سيأتى.
(٤) وهى الآن تابعة لمركز الواسطى بمحافظة بنى سويف. وهناك أبويط أخرى قرية قرب بردنيس من أعمال الأسيوطية: قوانين الدواوين: ١٠٣، ١٠٧، ١٢٨؛ معجم البلدان: ٩٦:١.
(٥) من أعمال الجيزة على الشاطئ الغربى للنيل. معجم البلدان: ١١٤:٤؛ قوانين الدواوين: ١٣٨.