للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الموت فأخرجه نور الدين كرهاً ليحق قول الله سبحانه إذ يقول: " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُو خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسَى أَنْ تُحبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ". فإن نور الدين أحب مسير صلاح الدين إلى مصر فكان مسيره إليها لخروج الملك عن أولاده، وكره صلاح الدين مسيره إلى مصر فكان في مسيره إليها تملكه إياها وغيرها من الأقاليم.

وسار شيركوه من دمشق في ثاني عشر ربيع الأول وتقدم الفقيه عيسى الهكاري إلى العاضد سراً وخفية من شاور ليحلفه على أشياء.

وأما مري فإنه كثرت أمراء الفرنج عنده لقصد سبي بلبيس، فغزاها برجاله، وأمر بإخراج الأسرى من أهل بلبيس إلى ظاهر البلد؛ وركب وقد اعتقل رمحه وحمل على الأسرى حتى فرقهم فرقتين، فجعل لنفسه الفرقة التي وقعت عن يمينه، وأنعم بالفرقة اليسرى على أهل عسكره؛ وقال لمن صار إليه من الأسرى: قد أطلقتكم شكراً لله على ما أولاني من فتح مصر فإني ملكتها بلا شك. وما زال واقفاً حتى عدى أكثرهم النيل إلى جهة منية حمل، وأخذ عسكره أسراهم فاقتسموهم، فبقوا في أيدي الفرنج بعد ذلك نحو الأربعين سنة وهلك كثير منهم هنالك، وأفلت بعضهم.

وكان شمس الخلافة قد صار إلى مري قبل أخذه مدينة بلبيس بإجابته إلى القطيعة التي طلبها، فعاقه عنده حتى أخذ بلبيس، كما تقدم ذكره ثم أذن له في الانصراف إلى القاهرة، واعتذر بأنه بلغه عن قيس بن طي أشياء أمضته حتى فعل ما فعل،

<<  <  ج: ص:  >  >>