للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصل إلى القصر، فصلّى عليه الخليفة الفائز (١)، ودفن فى تربة القصر مع آبائه.

وجلس الفائز بقيّة النهار وخلع على طلائع بن رزيك بالموشح والعقد الجوهر، وخلع على ولديه، ونعت بالأجلّ النّاصر، سند الإمام، زعيم الأنام، مجير الإسلام، خدن أمير المؤمنين. وخلع على أخيه ونعت بنعوت الصالح قبل الوزارة؛ وخلع على حواشيه.

وأجرى فى الخلع مجرى الأفضل بالطّيلسان المقوّر، وأنشئ له سجلّ عظيم نعت فيه بالملك الصّالح، ولم يلقّب أحد من الوزراء قبله بالملك (٢)، وذلك يوم الخميس الرابع من شهر ربيع الآخر.

وكتب فى سجلّه، على طرفه، بخطّ الفائز: «لوزيرنا السيّد الأجلّ الملك الصّالح، ناصر الأئمة، كاشف الغمّة، أمير الجيوش، سيف الإسلام، غياث الأنام، كافل قضاة المسلمين، هادى دعاة المؤمنين، أبى الغارات طلائع بن رزّيك الفائزى؛ عضد الله به الدّين، وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين، وأدام قدرته، وأعلى أبدا كلمته، من جلالة القدر، وعظيم الأمر، وفخامة الشان، وعلوّ المكان، واستيجاب التفضيل، واستحقاق غايات المنّ الجزيل، ومزيّة الولاء الذى بعثه على بذل النفس فى نصرتنا، ودعاه دون الخلائق إلى القيام بحقّ مشايعتنا وطاعتنا، مما يبعثنا على التّبرّع له ببذل كلّ مصون، والابتداء من ذاتنا بالاقتراح له بكلّ شيء يسرّ النّفوس ويقرّ العيون؛ والّذى يعمله هذا السجلّ من تقريظه وأوصافه، فالّذى تشتمل عليه ضمائرنا أضعاف أضعافه؛ ولذلك شرّفناه بجميع التّدبير والإنالة، ورفعناه إلى أعلى رتب الأصفياء بما جعلناه له من الكفالة. والله تعالى يعضد به دولتنا، ويحوط به حوزتنا، ويمدّه بمواد التوفيق والتأييد، ويجعل أيّامه فى وزارتنا ممنوحة غاية الاستمرار والتأبيد إن شاء الله تعالى».


(١) يلاحظ أن عمر الفائز كان عندئذ خمس سنوات وأياما، وقد ذكر أن عباسا كان حمله على كتفه عند بيعته بالخلافة فبال على كتفه!
(٢) ليس هذا صحيحا، فقد كان رضوان بن ولخشى، وزير الخليفة الحافظ لدين الله، أول من تلقب بلقب ملك. وقد سبق ذكر ذلك فى موضعه.