للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ لمّا عزم على الرّجوع ودّع الخليفة والصالح بن رزّيك بقصيدة (١)، فأوسعاه إكراما وإنعاما، ورسم أن يكون تسفيره (٢) خمسمائة دينار كما كانت وفادته، وبعثت إليه السّيدة مثل ذلك؛ وخلع عليه للسّفر، ودفع له الصّالح مائة دينار. وكتب له إلى ناصر الدّولة والى قوص بمائة إردبّ من القمح وحملها من مال الدّيوان إلى مكة. وكتب له كتاب إلى محمد بن عمران (٣)، صاحب عدن، ببراءته من ثلاثة آلاف دينار وإسقاطها عنه.

وسار فى شوّال إلى مكّة فتسلّم القمح من قوص وحمل معه إلى مكة من مال الدّيوان.

ولمّا وقف صاحب عدن على الكتاب أبرأه من الثلاثة آلاف دينار وأسقطها عنه، فسيّر إلى الصالح بقصيدة من عدن يشكره على ذلك (٤)؛ فلمّا وقف عليها قال: قد فرّطنا فيه حين تركناه يخرج من عندنا، ولقد كان إمساكه للخدمة والصّحبة أولى.

ثم عاد بعد ذلك بمدّة (٥)، واستقرّ بعد ذلك من جملة خدّام الدّولة وخواصّها.

فيها مات الفقيه أبو المعالى مجلى بن جميع بن نجا المخزومى القرشى الأرسوفى الشافعى، صاحب كتاب الذخيرة فى الفقه.


(١) وردت فى النكت العصرية: ٣٧، ومنها:
من لى بأن ترد الحجاز وغيرها … أخبار طيب مواردى ومصادرى
زارت بى الآمال أكرم ساحة … فوق الثرى، فغدوت أكرم زائر
ووفدت ألتمس الكرامة والغنى … فرجعت من كل بحظ وافر
فكأن مكة قال صادق فألها: … سافر تعد نحوى بوجه سافر
(٢) فى الأصل: تفسيره. وهى لا تناسب السياق، والمثبت هنا مما جاء فى النكت العصرية: ٣٧. وقد كان من المقرر أن تكون مكافأة التسفير ثلاثمائة دينار، فتوسط سيف الدين حسين، صهر الصالح، فى زيادتها إلى خمسمائة.
(٣) المقصود به عمران المكرم بن محمد المعظم، وقد ورد اسمه فى النكت العصرية: ٣٨، وهو سابع أمراء بنى زريع الإسماعيليين (بضم الزاى وفتح الراء)، حكم بين سنتى ٥٤٨ - ٥٦٠، أما محمد بن عمران فقد حكم بعد وفاة أبيه فى سنة ٥٦٠ واستمر إلى سنة ٥٦٩، وبهذا لا يكون معاصرا لهذه الرحلة التى قام بها عمارة فى عودته إلى اليمن من مصر. معجم الأنساب.
(٤) ورد منها فى النكت العصرية خمسة أبيات: ٤٠ - ٤١ ومطلعها:
ليالى بالفسطاط من شاطئ مصر … سقى عهدك الماضى عهادا من القطر
ومنها:
قصدت الجناب الصالحى تفاؤلا … وقد فسدت حالى فأصلحنى دهرى
ولم يرض لى معروفه دون جاهه … فسير كتبا كالكتائب فى أمرى
(٥) بمدة قصيرة، فى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.