للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولتك بعون الله قاهرة. فقال الأستاذ: يقول لك مولانا الأمل فيك هذا وأكثر. ثم جددت له الخلع وأفيضت عليه، ونزل إلى داره.

وحسن عنده موقع الجليس ابن عبد القوى، قاضي القضاة وداعي الدعاة، وأثنى عليه وشكره، وقال لولا مذهبه! فقال: إنه ولد بالمغرب وله دالة على الخليفة، ولولا ضبطه حواصل القصر لخرجت كلها لكرم العاضد؛ لكنه يحترمه ويقبل مشورته. فازدادت مكانته عند أسد الدين وأقره على حاله.

واستبد أسد الدين بأمور المملكة، وغلب على الدولة، واستعمل أصحابه وثقاته على الأعمال، وأقطع البلاد لعساكره. ولما أكب الناس عليه بالتواقيع قلق من كثرة ما يوقع وقال: أظن مولانا استخدمني كاتبا.

في رابع جمادى الأولى قتل الكامل شجاع بن شاور، والمعظم سليمان بن شاور، وركن الإسلام نجم أخو شاور، وأحضرت رءوسهم إلى أسد الدين شيركوه.

ولما بلغ نور الدين وزارة شيركوه للعاضد واستبداده بالأمر كره ذلك وأمضه، وظهر ذلك على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وأخذ يتحدث في ذلك، وأفضى به إلى الأمير مجد الدين ابن الداية. وأخذ يعمل الحيلة في إفساد أمر أسد الدين وابن أخيه صلاح الدين، وكاتب العاضد في ذلك غير مرة، ويلتمس منه أن يبعث إليه أسد الدين، يريد بذلك إخراجه عن مصر. فلم يسمح العاضد بإرساله لأنه دبر الأمور وقام بحمل أعباء المملكة من غير أن يغير على أصحاب العاضد شيئا من أحوالهم، ولا أنكر عليهم أمراً من أمورهم، بل أقرهم على عوائدهم سوى أنه أقطع البلاد لأصحابه.

وتولى عنه التدبير ابن أخيه صلاح الدين وقام بمباشرتها، فصار إليه الأمر والنهي حتى مات أسد الدين، بعد أن استقر في الوزارة ثلاثة وستين يوما، يوم الأحد الثالث

<<  <  ج: ص:  >  >>