للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى لا يبقى بها أحد. فأعدّوا فى حجرة فى دهليز القصر، وردّوا عليهم طرف الضبّة (١).

فلما كان فى يوم الاثنين التاسع عشر من شهر رمضان ركب الصّالح على عادته للسّلام على الخليفة، فلمّا انفصل من خدمة السّلام بقاعة الذهب وخرج إلى الدّهاليز عرض له أستاذ يقال له عنبر الرّيفى، وأوقفه، وذكر له حديثا طويلا؛ فتقدّم رزّيك ابن الصّالح، فخرج رجلان وثبا على الصّالح، ووقعت الصّيحة، فعثر الصّالح بأذياله، فتقدّم إليه ابن الرّاعى وطعنه بسيف قطع أحد وريديه، وضربه العبيد بالسّيوف فقطعوا عذيته ونزلت فى لحمه وشلت سلسلة ظهره. فوضع يده على جرحه وأنشد:

إن كان عندك يا زمان بقيّة … ممّا تهين به الكرام فهاتها

وضرب رزّيك (بن طلائع (٢) فى عضده الأيمن. وتكاثروا على الصّالح فسقط على وجهه منكبّا واستفرغ بالدّم فأدركه الأمير ابن الزبد (٣) وألبسه منديل ضرغام بن سوار، وكان


(١) يذكر ابن خلكان أن العاضد هو الذى قام بهذا التدبير، وهو غير معقول، لأن العاضد لم يكن جاوز التاسعة من سنه، أو الحادية عشرة فى قول آخر، إلا بقليل حين تم هذا التدبير. ويذكر أيضا أن ممن اشترك فى التدبير فى الاعتداء جماعة من الأجناد عرفوا بأولاد الراعى، وأن المحاولة فشلت فى الليلة الأولى لأن أحد المتآمرين قام ليفتح ضبة الباب فأخطأ وأغلقها. وفيات الأعيان: ٢٣٨:١ - ٢٤٠.
(٢) أضيف ما بين القوسين للتوضيح من النجوم الزاهرة: ٣١٥:٥. وسيتولى رزيك هذا الوزارة بعد وفاة أبيه كما سيأتى.
(٣) واسمه المكرم أبو الحسن على بن الزبد. النكت العصرية: ٣٥، وفى مواضع أخرى متفرقة؛ نهاية الأرب: ٢٨ ويذكر عمارة أن ابن الزبد هذا كان من الغلاة فى مذهبه من غير علم، وأنه قاتل عن الصالح أشد قتال إذ ظل يضرب بسيفه دفاعا عنه حتى انكسر نصفين فألقى نفسه على الصالح ووقاه بنفسه، فلم تزل السيوف تنحره حتى قام الصالح. وفى هذا يقول عمارة:
لا تسألا إلا مضارب سيفه … فلقد تزيد وتنقص الأخبار
حتى إذا انقطع الحسام بكفه … وانفل منه مضرب وغرار
ألقى عليك، وقاية لك، نفسه … لما انتحتك صوارم وشفار
إن لم يذق كأس الردى، فبقلبه … من خمرها، أسفا عليك، خمار
هى وقفة رزق المكرم حمدها … وعلى رجال لؤمها والعار
النكت العصرية: ١٤٤ - ١٤٥.