للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل اليمن رجل من أولئك الشيعة، يعرف بعلى بن الفضل، فأخبره بأخبار اليمن، فبعث معه أبا القاسم رستم بن الحسين بن فرج بن حوشب الكوفى - من رجالات الشيعة -، وقال له: «ليس لليمن إلا أنت»، فخرجا من القادسية سنة ثمان وستين ومائتين، ودخلا اليمن، على حين انخلع محمد بن يعفر (١) من الملك، وأظهر التوبة، فدعوا للرضى من آل محمد، وظهرت الدعوة سنة سبعين، وتسمى أبو القاسم بالمنصور، وابتنى حصنا بجبل لاعة (٢)، وزحف بالجيوش، وفتح مدائن اليمن، وملك صنعاء، وأخرج بنى يعفر، وفرّق الدعاة فى اليمن والبحرين، واليمامة، والسند، والهند، ومصر والمغرب.

وكان أبو عبد الله المحتسب داعى المغرب، وأصله من الكوفة، واسمه الحسين بن أحمد ابن محمد بن زكريا، من رام هرمز (٣) وكان محتسبا بسوق الغزل من البصرة، وقيل إنما المحتسب أخوه أبو العباس محمد.

ويعرف أبو عبد الله بالمعلم، كان يعلّم الناس مذهب الإمامية الباطنية، واتصل بالإمام محمد بن جعفر، ورأى أهليته، فأرسله إلى ابن حوشب - صاحب اليمن -، وأمره بامتثال أمره، والاقتداء بسيرته، ثم يذهب بعدها إلى المغرب، ويقصد بلد كتامة، فلما بلغ إلى ابن حوشب لزمه، وشهد مجالسه، وأفاد علمه، ثم خرج مع حاج اليمن إلى مكة حتى أتى الموسم، ولقى به رجالات كتامة واختلط بهم، ووجد لديهم بذرا من ذلك المذهب - كما قدمنا -، فاشتملوا عليه، وسألوه الرحلة فارتحل معهم إلى بلدهم، ونزل بها، وجاهر


(١) محمد بن يعفر ثانى ولاة اليعفريين على صنعاء والجند، ولى من ٢٥٩ الى ٢٧٩ (٨٧٢ - ٨٩٢).
(٢) فى المراجع الجغرافية مدينة عدن لاعة، ووادى لاعة، وليس بها جبل لاعة، وعلى كل فقد كانت منطقة لاعة باليمن من المواضع الأولى التى ظهرت بها الدعوة الفاطمية، وقد كانت مقرا للداعيتين على بن الفضل، وأبى عبد الله الشيعى. انظر «معجم البلدان لياقوت» و (Kay:Op.Cit.P .٢٣٢ - ٢٣٣)
(٣) رسمها ياقوت متصلة، وذكر أنها مركبة من لفظين: رام لفظة فارسية ومعناها مقصود أو مراد، وهرمز أحد الأكاسرة، وقال حمزة: رامهرمز اسم مختصر من رامهرمز أردشير، وقال ياقوت انها «مدينة مشهورة بنواحى خوزستان، والعامة يسمونها رامز كسلا منهم عن تتمة اللفظ».