فافعلوا يا شيوخ في خلوتكم مثل ما أفعله، ولا تظهروا التجبر والتكبر، فينزع الله النعمة عنكم، وينقلها إلى غيركم، وتحننوا على من وراءكم ممن لا يصل إلي كتحنني عليكم، ليتصل في الناس الجميل، ويكثر الخير، وينتشر العدل.
وأقبلوا بعدها على نسائكم، والزموا الواحدة التي تكون لكم، ولا تشرهوا إلى التكثير منهن، والرغبة فيهن، فيتنغص عيشكم، وتعود المضرة عليكم، وتنهكوا أبدانكم، وتذهب قوتكم، وتضعف نحايزكم؛ فحسب الرجل الواحد الواحدة، ونحن محتاجون إلى نصرتكم بأبدانكم وعقولكم.
واعلموا أنكم إذا لزمتم ما آمركم به رجوت أن يقرب الله علينا أمر المشرق كما قرب أمر المغرب بكم. انهضوا رحمكم الله ونصركم.
وفي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة أمر المعز بحفر الآبار في طريق مصر، وأن يبنى له في كل منزلة قصر، ففعل ذلك.
وفي يوم الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة من السنة وردت النجب من مصر بموت كافور الأخشيدي يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأولى.
واستدعى المعز يوما أبا جعفر بن حسين بن مهذب صاحب بيت المال وهو بالمغرب، فوجده في وسط القصر جالسا على صندوق، وبين يديه ألوف صناديق مبددة في صحن القصر، فقال له: هذه صناديق مال، وقد شذ عني ترتيبها، فانظرها ورتبها.
قال: فأخذت أجمعها إلى أن صارت مرتبة، وبين يدي جماعة من خدام بيت المال والفراشين، وأنفذت إليه أعلمه، فأمر برفعها في الخزائن على ترتيبها، وأن يغلق عليها، وتختم بخاتمه، وقال: قد خرجت عن خاتمنا وصارت إليك ففعل.