للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدخل الكافورى (١) مغشيّا عليه.

وفى ذلك اليوم أحرق صفّ الخليج، وكاد شيركوه أن يدخل القاهرة؛ وبقى الحصار إلى يوم الخميس تاسع رمضان. وورد الخبر إلى شاور بأن الفرنج قاربوا مدينة بلبيس يوم السّبت حادى عشر رمضان فأقام عليها وشيركوه بها. ولمّا كان فى خامس عشر ذى الحجّة تقرّر الحال مع شيركوه على أن يدفع إليه شاور خمسين ألف دينار ورهائن على صبح، أخى شاور، وعاد إلى دمشق. ورجع الفرنج.

وقدم شاور إلى القاهرة فى سادس عشر ذى الحجّة. فكان مقامه على بلبيس نيّفا وتسعين يوما (٢).

وأخرج شاور العساكر والحشود ممّا يلى البستان الكبير خارج باب الفتوح، وزحف شاور، فخرج إليه شيركوه وحاربه، فخرج أكثر عسكر شاور وغورت أعينهم، ووقعت نشّابة فى عين الطّارى، ابن شاور، اليمنى، فبقى معه النّصل مدّة إلى أن قلعت وخرج منها بكلفة. فانهزم شاور ودخل القاهرة وأغلق أبوابها، وحاصره شيركوه طول النّهار.


(١) أنشأ البستان الكافورى محمد بن طغج الإخشيذ، وأنشأ بجانبه ميدانا لركوب الخيل، فلما قدم جوهر الصقلى أدخل البستان ضمن حدود القاهرة وعرف بالبستان الكافورى، ثم اختط مساكن بعد سنة إحدى وخمسين وستمائة وأزيلت أشجاره. ويعلق ابن عبد الظاهر على هذا بقوله كان خرابة بحق فإنه عرف بالحشيشة التى كان يتناولها الفقراء؛ وفيها قال شاعرهم أبو الحسن على ابن عبد الله الينبعى:
رب ليل قطعته ونديمى … شاهدى، وهو مسمعى وسميرى
مجلسى مسجد وشربى من … خضراء تزهو بحسن لون نضير
قال لى صاحبى وقد فاح منها … نشرها مزريا بنشر العبير
أمن المسك؟ قلت ليست من المس … ك ولكنها من الكافورى
المواعظ والاعتبار: ٢٥:٢ - ٢٦. وحارة الكافورى تحد بشوارع أمير الجيوش الجوانى والخليج المصرى والخردجية وبين القصرين والنحاسين وشارع جوهر القائد. النجوم الزاهرة: ٤٨:٤.
(٢) سيتحدث المقريزى فيما يلى عن دور آخر من أدوار النزاع العسكرى بين شيركوه وشاور، يؤكد هذا فى أثناء الحديث كلامه عن حريق آخر عند الخليج (ناحية باب سعادة وعند الخليج كله) عن فدية أخرى قيمتها ثلاثون ألف دينار … الخ ولولا هذه التأكيدات التى تدل على تعدد الحدث لاعتقد القارئ أنه حدث واحد ورد موجزا أولا ومفصلا ثانيا. وهذا موضع لتساؤل إذ الثابت أن شيركوه عند ما خرج من بلبيس فى ذى الحجة اتجه إلى الشام مباشرة بينما يبدأ الدور الثانى من القتال - كما ذكر المقريزى هنا - فى ذى الحجة بعد اتفاق بلبيس. قارن كتاب الروضتين فى أحداث سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وكذلك الكامل: ١١؛ والنجوم الزاهرة: ٥ فى هذه السنة؛ والباهر فى أتابكة الموصل؛ نهاية الأرب: ٢٨، وكذلك:
The Crusaders in the East;Saladin