للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه شهر رمضان، فلمّا أتمّه وأهلّ شوّال بلغه ما نزل بالإسكندرية وأهلها من البلاء وقلّة الأقوات، وأنها قد قاربت أن تؤخذ، فسار من قوص ونزل على مصر يوم الخميس ثامن شوّال. فبلغ شاور أن شيركوه حاصر مصر، فرحل من الإسكندرية، وأرسل شيركوه إلى صلاح الدّين يأمره بتقرير الصّلح؛ ورحل عن مصر إلى الشام (١). فبعث إلى ملك الفرنج يلتمس منه ذلك، فأجابه إليه، وقرّر مع شاور أنّه يحمل إلى شيركوه جميع ما غرم فى هذه السّفرة، ويعطى الفرنج ثلاثين ألف دينار، ويعود كل منهم إلى بلاده.

ووقع الحلف بالأيمان المؤكّدة على ذلك.

فلمّا تقرّر الصّلح أرسل صلاح الدّين إلى ملك الفرنج يقول إنّ لى أصحابا منهم القوىّ ومنهم الضّعيف، فأمّا القوىّ فإنّه يتبعنا فى البرّ، وأمّا الضّعيف فإنّه يسير فى البحر فنريد لهم مراكب. فأنفذ إليه عدّة مراكب خرج فيها أصحابه.

وخرج صلاح الدّين من الإسكندريّة واجتمع بعمّه أسد الدّين شيركوه. ودخل شاور البلد، وجاءه مشايخ البلد للسّلام عليه، ومرى ملك الفرنج جالس معه، فلم ينظر شاور إلى الجماعة ولا أكرمهم، ولا أذن لهم فى الجلوس، لأنّهم كانوا قاتلوه قتالا شديدا، فنقم عليهم ذلك. فقال له مرى: أكرم قسسك. فأذن لهم فى الجلوس وعاتبهم على ما فعلوا من القتال وإظهار المخالفة. فسكتوا. وكان فيهم الفقيه شمس الإسلام أبو القاسم مخلوف بن على


(١) لم أجد فى أى مرجع ما يؤيد ما قاله المقريزى هنا من أن أسد الدين أرسل إلى صلاح الدين يأمره بتقرير الصلح ورحل هو إلى الشام. بل إن شيركوه - كما تجمع المصادر - أسرع عائدا من الصعيد لنجدة الإسكندرية، وبها صلاح الدين، بعد أن اشتد حصار الفرنج وشاور عليها حتى قلت بها الأقوات، وهناك وصله رسل المصريين والفرنج يطلبون الصلح، ووعدوه، فأجابهم إلى ذلك وشرط أن الفرنج لا يقيمون بمصر ولا يتسلمون منها قرية واحدة. فتم الصلح وتسلم المصريون الإسكندرية فى «منتصف شوال» وعاد شيركوه إلى دمشق «ثامن عشر ذى القعدة». قارن - على سبيل المثال - كتاب الروضتين: ٣٦٦:١؛ الكامل: ١٢٢:١١؛ مفرج الكروب: ١٥٢:١، وكذلك ٩٠ - ٨٩ Saladin;pp . . ويزيد النويرى الأمر وضوحا فيقول إن أهل الإسكندرية قاوموا الحصار بنحو أربعة وعشرين ألف قوس زنبورك وما يناسبها من الآلات، فطلب شاور منهم تسليم صلاح الدين وفى مقابل ذلك يضع عنهم المكوس ويعطيهم الأخماس فقالوا: «معاذ الله أن نسلم المسلمين إلى الفرنج والإسماعيلية». ولما علم شاور بقرب شيركوه خافه وراسله فى طلب الصلح .. فتم طبقا لما سبق. نهاية الأرب: ٢٨. وسيذكر المقريزى بعد أسطر أن صلاح الدين خرج من الإسكندرية - بعد تقرير الصلح - واجتمع بعمه أسد الدين.