للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المالكى، المعروف بابن جاره، شيخ الصّاحب صفىّ الدّين عبد الله بن علىّ بن شكر (١)، فقال له:

نحن نقاتل كلّ من جاء تحت الصّليب كائنا من كان. فقال له مرى: وحقّ دينى لقد صدقك هذا الشّيخ. فسكت شاور وأكرمهم بعد ذلك اليوم.

وفرّ نجم الدّين بن مصال والى الثغر إلى الشّام، وقبض شاور على الأشرف بن الحباب قاضى الثّغر وعاقبه، وأخذ منه مالا جزيلا؛ ولم يقنع بالرّشيد ابن الزّين النّاظر فولّى القاضى الأشرف أبا القاسم عبد الرّحمن بن منصور بن نجا النّظر عوضه؛ فبعث شاور وقبض على جميع من كان مع صلاح الدّين من أهل مصر، وعلى ابن مصال. فشقّ ذلك على صلاح الدّين، واجتمع بملك الفرنج فى ذلك، فأرسل إلى شاور وما زال به حتى أفرج عنهم.

فخافوا من شاور وعزموا على الرّحيل إلى الشّام، فخرج إليهم شاور بنفسه وجمع وجوههم وطمأنهم، وحلف لهم أنّه يضاعف لهم الإحسان ولا يتعرّض لهم بسوء. فمنهم من اطمأن وأقام، ومنهم من رحل إلى الشام.

ووصل الّذين ساروا من ضعاف أصحاب صلاح الدّين فى المراكب إلى عكّا، وأحاط بهم الفرنج واعتقلوهم بمعصرة القصب حتى (عاد) ملك الفرنج فأطلقهم.

وتسلّم شاور الإسكندرية فى نصف شوّال. وسار شيركوه ومن معه وقد استمال شاور منهم جماعة ومعه مرى ملك الفرنج حتّى نزل الجيزة وعدّى إلى القاهرة من المقس. فأقام مرى أيّاما ورحل عائدا إلى بلاده، فخرج شاور يودّعه إلى بلبيس وعاد إلى القاهرة أوّل ذى القعدة، فخرج إليه العاضد يتلقّاه إلى الطّابية، وخلع عليه.


(١) عبد الله بن على بن الحسين المعروف بالصاحب صفى الدين بن شكر المصرى الزهيرى المالكى. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وقيل سنة أربعين، وتوفى سنة اثنتين وعشرين وستمائة. ولد بالدميرة بين مصر والإسكندرية ودفن بتربته التى أنشأها بجوار مدرسته بالقاهرة. يقول ابن شاكر الكتبى: وكان حلو اللسان حسن الهيئة وفيه هوج وخبث وحقد لا تخبو ناره، لا يقبل معذرة، وجعل الرؤساء كلهم أعداءه. كان من أصحاب العادل بن أيوب المقربين وتولى وزارة ابنه الكامل، وكانت له أموال كثيرة بمصر والشام، وعمى فى أواخر أيامه. وله مع هذا أعمال حسنة: بلط الجامع الأموى وعمر جامع المزة وجامع خرستان بدمشق وأنشأ مدرسة بالقاهرة. فوات الوفيات: ٢٨٠:١ - ٢٨٢؛ المذيل على الروضتين: ١١٤ - ١١٥، ١٤٧.