للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ.

يَمْسَسْكَ: معناه يُصِبْكَ، ويَنَلْكَ، والضُّرُّ بضم الضاد: سوء الحَالِ في الجِسْمِ وغيره، وبفتحها ضِدُّ النَّفْعِ، ومعنى الآية: الإخْبَارُ أن الأَشْيَاءَ كلها بِيَدِ اللَّه إن ضَرَّ فلا كَاشِفَ لضره غَيْرُه، وإن أصَابَ بِخَيْرٍ، فكذلك أيضاً.

وعن ابن عَبَّاسٍ قال: كنت خلف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوماً فقال: «يا غُلاَمُ إنِّي أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ:

احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّه، وإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، واعْلَم أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لم يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه لَكَ، وإن اجْتَمَعُوا عَلَى أن يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رفعت الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» . رويناه في الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح «١» .

وفي رواية غير الترمذي زيادة: «احْفَظِ اللَّه تَجِدْهُ أمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، واعْلَمْ أن ما أَخْطَأَكَ لم يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ... » وفي آخره: «واعلم أن النَّصْرَ مع الصَّبْرِ، وأنّ الفَرَجَ مع الكَرْبِ، وأن مع العُسْرِ يُسْراً» «٢» .

قال النووي: هذا حديث عَظِيمُ الموقع. انتهى من «الحِلْيَة» .

وقرأت فرقة: «وَأَوْحَى إلَيَّ هذا القُرآن» على بناء الفعل للفاعل، ونصب «القرآن» ، وفي «أوحى» ضمير يَعُودُ على اللَّه تعالى.

وقوله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ معناه على قول الجمهور: بلاغ القرآن، أي:

لأنْذِرَكُمْ وأُنْذِرَ مَنْ بَلَغَهُ، ففي «بلغ» ضمير محذوف لأنه في صلة «من» فحُذِفَ لطول الكلام.


(١) أخرجه الترمذي (٤/ ٦٦٧) كتاب «صفة القيامة» ، باب (٥٩) ، حديث (٢٥١٦) وأحمد (١/ ٣٠٧) .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب» (ص ٢١٤) رقم (٦٣٦) من طريق المثنى بن الصباح، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس به.
والمثنى بن الصباح ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>