للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقول: أولى لَكَ يا فُلاَنُ، وهذه الآية من هذا الباب ومنه قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى [القيامة: ٣٤] وقالت فرقة: فَأَوْلى رُفِعَ بالابتداء، وطاعَةٌ خبره، قال ع «١» : وهذا هو المشهورُ منِ استعمال «أولى» ، وقيل غير هذا، قال أبو حيَّان «٢» : قال صاحب «الصِّحَاحِ» : أولى لَكَ: تهديدٌ ووعيدٌ، قال أبو حَيَّان «٣» : والأكثر على أَنَّه اسم مُشْتَقٌّ من الوَلي، وهو القُرْبُ، وقال الجُرْجَانِيُّ: هو مأخوذ من الوَيْلِ، فَقُلِبَ، فوزنه «أَفْلَعْ» ، انتهى.

فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ: ناقضوا وعصَوْا، قال البخاريُّ: قال مجاهد: عَزَمَ الْأَمْرُ جَدَّ الأمر «٤» . انتهى.

[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)

وقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ مخاطبةٌ لهؤلاءِ الذينَ في قلوبهم مرضٌ، والمعنى:

فهل عسى أَنْ تفعلُوا إنْ تولَّيتم غيرَ أنْ تُفْسِدُوا في الأرض، وتُقَطِّعُوا أرحامكم، ومعنى إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي: إنْ أعرضتم عن الحَقِّ، وقيل المعنى: إنْ توليتم أمور الناس من الولاية وعلى هذا قيل: إنَّها نزلَتْ في بني هاشِمٍ، وبني أُمَيَّةَ ذكره الثعلبيُّ.

ت: وهو عندي بعيدٌ لقوله: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فتعيَّن التأويل/ الأَوَّل، واللَّه أعلم.

وفي البخاريِّ عن جُبَيْرِ بن مطعم عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنّة قاطع» «٥»


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١١٧) .
(٢) ينظر: «البحر المحيط» (٨/ ٨١) .
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٨/ ٨١) .
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٤٤٢) كتاب «التفسير» باب: سورة محمّد صلّى الله عليه وسلّم معلقا بصيغة الجزم، ووصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(٥) أخرجه البخاري (١٠/ ٤٢٨) كتاب «الأدب» باب: إثم القاطع (٥٩٨٤) ، ومسلم (٤/ ١٩٨١) ، كتاب «البر والصلة والآداب» باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها (١٨- ١٩/ ٢٥٥٦) ، وأبو داود (١/ ٥٣٠) ، كتاب «الزكاة» باب: في صلة الرحم (١٦٩٦) ، والترمذي (٤/ ٣١٦) ، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في صلة الرحم (١٩٠٩) ، والبيهقي (٧/ ٢٧) ، كتاب «الصدقات» باب: الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه، إذا كانوا من أهل السهمان، كما جاء في صلة الرحم وحق الجار، وأحمد (٤/ ٨٠، ٨٣، ٨٤) ، وابن حبان (٢/ ١٩٩) ، كتاب «البر والإحسان» باب: صلة الرحم وقطعها، ذكر نفي دخول الجنة عن قاطع رحمه (٤٥٤) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (١١/ ١٦٩- ١٧٠) ، كتاب «الجامع» باب: صلة

<<  <  ج: ص:  >  >>