للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ لِلصَّعْقِ ثُمَّ لِلْبَعْثِ» «١» ، وباقي الآية بيّن.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)

وقوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، قال الطبري «٢» : نبه الله نبيّنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم على الاقتداء بإبراهيم في محاجّته قومه إذا كانوا أهل أصنام، وكان قوم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أهل أصنام، وقوله: أَصْناماً آلِهَةً:

مفعولانِ، وذُكِرَ أن آزر أبا إبراهيِمَ- عليه السلام- كَانَ نَجَّاراً محسناً، ومهنْدِساً، وكان نُمْرُود يتعلَّق بالهندسةِ والنجُومِ، فحَظِيَ عنده آزر لذلك، وكان على خُطَّةِ عملِ الأَصنامِ تُعْمَلُ بأمره وتَدْبيره، ويَطْبَع هو في الصنمِ بخَتْمٍ معلومٍ عنده وحينئذٍ يُعْبَدُ ذلك الصنمُ، فلما نشأ إبراهيمُ ابنه على الصفة التي تأتي بعْدُ، كان أبوه يكلِّفه ببيعها، فكان إبراهيم ينادِي عليها: مَنْ يَشْتَري ما يضرُّه ولا ينفعه، ويستخفُّ بها، ويجعلها في الماءِ منكوسةً، ويقول لها: اشربي، فلما اشتهر أمْرُه بذلك، وأخذ في الدعاءِ إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، قال لأبيه هذه المقالة، وأَراكَ في هذا الموضعِ: يشترك فيها القلبُ والبصرُ، ومُبِينٍ: بمعنى:

ظاهر واضح.

وقوله سبحانه: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: الآيةُ المتقدِّمةُ تقْضِي بهدايةِ إبْرَاهيم- عليه السلام-، والإشارةُ ب «ذلك» هي إلى تلك الهداية، أي: وكما هدَيْنَاه إلى الدعاء إلى الله وإنكار الكفر، أريناه ملكوت، ونُرِي: لفظها: الاستقبال، ومعناها: المضيُّ، وهذه الرؤْية قيل: هي رؤية البَصَر، ورُوِيَ في ذلك أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ فرج لإِبراهيم- عليه السلام- السمواتِ والأرْضَ حتى رأَى ببَصَره الملكوتَ الأعلى، والملكوتَ الأسفلَ وهذا هو قولُ مجاهدٍ «٣» قال: تفرّجت له السموات والأرضون، فرأى


(١) أخرجه البخاري (٨/ ١١٦) كتاب «التفسير» ، باب قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ حديث (٤٦٠٤) ، ومسلم (٤/ ١٨٤٣) كتاب «الفضائل» ، باب من فضائل موسى عليه السلام، حديث (١٥٩/ ٢٣٧٣) من حديث أبي هريرة.
(٢) ينظر: الطبري (٥/ ٢٣٨) .
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٢٤٢) برقم (١٣٤٥٤) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٣١١) وذكره ابن كثير (٢/ ١٥٠) بنحوه، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٤) وعزاه لآدم بن أبي إياس، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي عن مجاهد بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>