للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٦٢ الى ١٦٥]

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)

وقوله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي ... الآية: أمر من اللَّه عزَّ وجلَّ لنبيِّه- عليه السلام- أنْ يعلن بأنَّ مقصده في صلاته، وطاعتِهِ من ذبيحة وغيرها، وتصرفَهُ مدَّةَ حياتِهِ، وحالهُ من إخلاصٍ وإيمانٍ عند مماته- إنما هو للَّه عزَّ وجلَّ، وإرادةِ وجهه، وطَلَبِ رضاه، وفي إعلان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهذه المقالة ما يلزمُ المؤمنين التأسِّي به حتى يلتزموا في جميع أعمالهم قَصْدَ وجه اللَّه عزَّ وجلَّ، ويحتمل أن يريد بهذه المقالة أنَّ صلاته ونسكه وحياته ومماته «١» بِيَدِ اللَّه عزَّ وجلَّ، واللَّه يصرفه في جميع ذلك كَيْفَ شاء سبحانه، ويكون قوله: وَبِذلِكَ أُمِرْتُ على هذا التأويل- راجعاً إلى قوله: لاَ شَرِيكَ لَهُ فقطْ، أو راجعاً إلى القول وعلى التأويل الأول، يرجع إلى جميع ما ذُكِرَ من صلاة وغيرها، وقالتْ فرقة: النُّسُكُ في هذه الآية: الذبائح.

قال ع «٢» : ويُحَسِّن تخصيصَ الذبيحة بالذِّكْر في هذه الآية أنها نازلةٌ قد تقدَّم ذكرها، والجَدَل فيها في السُّورة، وقالتْ فرقة: النسك في هذه الآية: جميع أعمال الطاعاتِ مِنْ قولك: نَسَكَ فُلاَنٌ، فَهُوَ نَاسِكٌ إذا تعبَّد، وقرأ السبعة سوى نافع:

«وَمَحْيَايَ» - بفتح الياء-، وقرأ نافع «٣» وحده: «وَمَحْيَايْ» - بسكون/ الياء-، قال أبو حَيَّان «٤» : وفيه جمع بين ساكنَيْنِ، وسوَّغ ذلك ما في الألفِ من المَدِّ القائمِ مَقَام الحركَة.

انتهى، وقوله: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، أي: من هذه الأمة.

وقوله سبحانه: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ... الآية: حكى


(١) في أ: ومونة.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣٦٩) .
(٣) ينظر: «السبعة» (٢٧٤) ، و «الحجة» (٣/ ٤٤٠) ، و «إعراب القراءات» (١/ ١٧٤) ، و «معاني القراءات» (١/ ٣٩٨) ، و «العنوان» (٩٤) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٨٩) ، و «شرح شعلة» (٣٨٦) ، و «حجة القراءات» (٢٧٩) ، و «إتحاف» (٢/ ٤٠) .
(٤) ينظر: «البحر المحيط» (٤/ ٢٦٢) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>