للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ع «١» وفي الحديث في نار جهنم: «لَهِيَ أَسْوَدُ مِنَ القَارِ» «٢» وما حفظ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فليس بشَاذٍ. ص: وَرُدَّ بأَنْ «أَسْوَدُ» مِنْ «فَعِلَ» لا من «افعل» : تقولُ: سَوِدَ فَهُوَ أَسْوَدُ، وإِنما امتنع من «سَوِدَ» ونحوِه عِنْد البصريّين لأنه لون. انتهى.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٢ الى ٢٥]

هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣) إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)

وقوله سبحانه: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ... الآية: تعديدُ نِعَمٍ منه سبحانه على عباده.

وقوله سبحانه: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ: أي: نسوا الأصنام والشركاء، وأفردوا الدعاء للَّه سبحانه، وذكَر الطبريُّ في ذلك، عَنْ بعض العلماء حكايةَ قَوْلِ العَجَمِ:

«هيا شرا هيا» ، ومعناه: يا حيّ يا قيّوم، ويَبْغُونَ: معناه: يُفسدون.

وقوله: مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا متاع: خبر مبتدأ محذوفٍ، تقديره هو متاع، أو ذلك مَتَاعٌ، ومعنى الآية: إِنما بغيكم وإِفسادكم/ مُضِرٌّ لكم، وهو في حالة الدنيا، ثم تَلْقَوْنَ عقابه في الآخرة، قال سفيان بن عُيَيْنة: إِنما بغيكم علَى أنفسِكُمْ متاع الحياة الدنيا: أي تُعَجَّلُ لكم عقوبته وعلى هذا قالوا: البَغْيُ يَصْرَعُ أهله.

قال ع «٣» : وقالوا: البَاغِي مصروعٌ: قال تعالى: ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ [الحج: ٦٠] ، وقال النبيُّ عليه السلام: «ما ذَنْبٌ أَسْرَعُ عُقُوبَةً مِنْ بَغْيٍ» .

وقوله سبحانه: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا أي: تفاخُرُ الحياة الدنيا وزينتها بالمال


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١١٢) .
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٩٩٤) برقم: (٢) عن أبي هريرة موقوفا.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>