للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٧٧]]

قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)

وقوله تعالى: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ الآية، ما نافية وتحتمل التقرير، ثم الآية تحتمل أنْ تكون خطاباً لجميع الناس، فكأنه قال لقريش منهم: ما يبالي الله بكم، ولا ينظر إليكم لولا عبادتكم إيَّاه، أَنْ لو كانت، إذ ذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله قال تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦] . وقال النقاش وغيره: المعنى: لولا استغاثتكم إليه في الشدائد، وقرأ ابن الزبير «١» وغيره: «فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ» وهذا يؤيِّد أَنَّ الخطاب بما يعبأ هو لجميع الناس، ثم يقول لقريش: فأنتم قد كذبتم، ولم تعبدوه فسوف يكون العذاب أو التكذيب الذي هو سبب العذاب لزاماً، ويحتمل أنْ يكون الخطابُ بالآيتين لقريش [خاصة] «٢» وقال الداوديّ: وعن ابن عيينة: لَوْلا دُعاؤُكُمْ معناه: لولا دعاؤكم إيّاه لتطيعوه، انتهى، قال ابن العربي في «أحكامه» «٣» : زعم بعض الأدباء أنَّ «لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ» معناه: لولا سؤالُكم إياه وطلبُكم منه، ورأى أَنَّه مصدر أُضِيفَ إلى فاعل، وليس كما زعم وإنما هو مصدر أضيف إلى مفعول، والمعنى: قل يا محمد للكفار: لولا دعاؤكم ببعثة الرسول إليكم وتبين الأدلة لكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً ذكر هذا عند قوله تعالى:

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور: ٦٣] . في آخر سورة النور، انتهى.

ت والحق أنَّ الآية محتملة لجميع ما تقدم، ومَنِ ادَّعى التخصيص فعليه بالدليل، والله أعلم.

ويعبأ: مشتق من العِبْءِ وهو الثِّقَلُ الذي يعبّأ ويرتب كما يعبأ الجيش.


- وحجتهم قوله تعالى: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، [مريم: ٥٩] . وقوله: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً [الفرقان: ٦٨] .
وحجة الباقين قوله: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً [الإنسان: ١١] .
ينظر: «حجة القراءات» (٥١٥) ، و «السبعة» (٤٦٨) ، و «الحجة» (٥/ ٣٥٤) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ١٢٨) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٢٢١) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ٩٨) ، و «العنوان» (١٤١) ، و «حجة القراءات» (٥١٥) ، و «شرح شعلة» (٥٣٠) ، و «إتحاف» (٢/ ٣١١) .
(١) وقرأ بها ابن عباس.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص ١٠٧، و «المحتسب» (٢/ ١٢٦) ، و «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٢٣) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٤٧٥) ، وزاد نسبتها إلى عبد الله بن مسعود.
(٢) سقط في ج.
(٣) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٤١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>