أما الحديث الذي ورد عن أبي هريرة في هذا المعنى، فأخرجه مسلم (١/ ٥٣٩) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة» . (٢) أخرجه مسلم (١/ ٥٥٤) ، كتاب: «الإيمان» ، باب: في ذكر سدرة المنتهى، حديث (٢٥٤/ ٨٠٦) ، والنسائي في «الكبرى» (٥/ ١٥) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب «الآيتان من آخر سورة البقرة» ، حديث (٨٠٢١) ، والبغوي في «شرح السنة» (٢/ ٢٣- بتحقيقنا) ، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. (٣) إنه مما علم باستقراء كتاب الله تعالى أن تسعا وعشرين سورة من القرآن الكريم قد افتتحت بحروف مقطعة، من جنس كلام العرب. وبداية، فإن هذه الحروف لم ينقل عن العرب دلالات لها، ولو كانت لها دلالات لتواتر النقل عليها، ولنقل ذلك علماء الصحابة وأئمتهم، وهذا الأمر- أعني افتتاح السور بها- لهو في حد ذاته نوع من التحدي للقيام بالكشف عن أسرارها والتفكر فيها. ولما لم يذكر عن الغرب لها دلالات فقد كان للعلماء بشأنها موقفان: أولهما: ذهب الشعبي وسفيان الثوري، وجماعة من أهل الحديث إلى أنها سر الله في القرآن، وهي من المتشابه. وثانيهما: وهو ما ذهب إليه الجمهور من أهل العلم: أنه يجب أن يتكلم فيها، وتلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها. وقد كان لابن عباس ترجمان القرآن النصيب الأوفر من الأقوال في هذه الأحرف. وجاء المفسرون من بعده، فاتسعوا في تحديد معاني هذه الفواتح، فقد ذكروا منها: أنها: -