للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٣٥]]

ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)

وقوله سبحانه: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ: بَدا معناه: ظهر، ولما أبَى يوسُفُ عليه السلام من المعصية، وَيَئِسَتْ منه امرأة العزيزِ، طالبته بأَنْ قالتْ لزوجها: إِنَّ هذا الغُلاَمَ العِبْرَانِيَّ قد فَضَحَنِي في النَّاس، وهو يَعْتَذِرُ إِليهم، ويَصِفُ الأَمْرَ بحَسَب اختياره، وأنا محبوسَةٌ محجوبَةٌ، فإِما أَذنْتَ لي، فخرجْتُ إِلى الناس، فاعتذرت وكذَّبته، وإِما حَبَسْتَه كما أنا محبوسةٌ، فحينئذٍ بدا لهم سجنه.

ع «١» : ولَيَسْجُنُنَّهُ: جملة دخلت عليها لام قسم، والْآياتِ: ذكر فيها أهْلُ التفسير أنها قَدُّ القميص، وخَمْشُ الوجهِ، وحَزُّ النساءِ أيديَهُنَّ، وكلامُ الصبيِّ على ما رُوِيَ.

قال ع «٢» : ومَقْصِدُ الكلامِ إِنما هو أنهم رَأَوْا سَجْنه بعد ظهورِ الآياتِ المُبَرِّئة له مِنَ التهْمة، فهكذا يَبِينُ ظلمهم له والحين في كلام العرب، وفي هذه الآية الوَقْت من الزمان غَير محدودٍ يقع للقليلِ والكثيرِ، وذلك بيّن من موارده في القرآن.

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٣٦ الى ٣٨]

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قالَ لاَ يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨)

وقوله سبحانه: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ ... الآية: المعنى: فسجَنُوهُ، فَدَخَلَ معه السجْنَ، غلامانِ سُجِنَا أيضاً، ورُوِيَ أنهما كانا للمَلِكِ الأعظَمِ الوَلِيدِ بْنِ الرَّيَّانِ أحدهما: خَبَّازه، واسمه مجلث، والآخر: ساقيه، واسمه نبو، ورُوِيَ أَنَّ المَلِكَ اتهمهما بأن الخَبَّاز منهما أرادَ سَمَّه، ووافَقَهُ على ذلك السَّاقِي، فسجنهما، قاله السديُّ «٣» ، فلما دخل يوسُفُ السجْنَ، استمال الناسَ فيه بحُسْن حديثه وفَضْله ونبله، وكان يُسَلِّي حزينهم، ويعودُ مريضَهُمْ، ويسأل لفقيرِهِمْ، ويندُبُهُمْ إِلى الخيرِ، فأَحبه الفَتَيَانِ، ولزماه، وأحبه صاحِبُ السجْنِ، والقَيِّم عليه، وكان يوسُفُ عليه السلام قد قال لأَهْلِ السجْنِ: إني أعبر


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٤٢) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٤٢- ٢٤٣) .
(٣) أخرجه الطبري (٧/ ٢١٢) برقم: (١٩٢٧٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٤٣) ، وابن كثير (٢/ ٤٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>