للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهمْ خَوْفُ العدوِّ المضعف لليقين، وأما قوله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ... [الحاقة: ٤٤] الآية، وقوله: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ [الإسراء: ٧٥] ، فمعناه: أنّ هذا جزاء من فعل هذا، وجزاؤك لو كنت ممن يفعله، وهو صلّى الله عليه وسلم لا يفعله، وكذلك قوله تعالَى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ [الأنعام: ١١٦] فالمراد غيره، كما قال:

إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا ... الآية [آل عمران: ١٤٩] وقوله: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ [الشورى: ٢٤] ، ولَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: ٦٥] وما أشبهه، فالمراد غيره، وأن هذا حال مَنْ أشرك، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلم لا يَجُوزُ عليه هذا، وقوله تعالَى: اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ [الأحزاب: ١] ، فليس فيه أنه أطاعهم، واللَّه يَنْهَاهُ عما يشاء، ويأمره بما يشاء كما قال تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ... [الأنعام: ٥٢] الآية، وما كان طَرَدَهُمْ- عليه السلام- ولا كَانَ من الظالمين. انتهى من «الشِّفَا» «١» .

ص «٢» : وَلَئِنِ: هذه اللام هي الموطّئة والمؤذنة، وهي مشعرة بقسم مقدّر قبلها. انتهى.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢١ الى ١٢٤]

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣) وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)

وقوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ ... الآية: قال قتادة: المراد ب «الَّذِينَ» في هذا الموضع: من أسلم من أمّة النبيّ صلّى الله عليه وسلم، والكتابُ على هذا: التأويل القرآن «٣» ، وقال ابنُ زَيْد: المراد مَنْ أسلم من بني إِسرائيل «٤» ، والكتاب على هذا التأويل: التوراة، وآتَيْناهُمُ: معناه: أعطيناهم، ويَتْلُونَهُ: معناه: يتبعونه حقَّ اتباعه بامتثال الأمر والنهي، قال أحمد بن نَصْر الدَّاوُودِيُّ: وهذا قول ابن عباس، قال عِكْرِمَةُ: يقال: فلانٌ يتلو فلاناً، أي: يتبعه ومنه: وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها [الشمس: ٢] أي: تبعها. انتهى.


(١) ينظر: «الشفا» (ص ٧١٧، ٧١٨) .
(٢) «المجيد» (ص ٣٩٦) .
(٣) أخرجه الطبري (١/ ٥٦٦) برقم (١٨٨٠) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٠٤) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٢١٠) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير.
(٤) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٠٤) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>