للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة «التّكاثر»

وهي مكّيّة

[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)

قوله تعالى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ أي: شَغَلَكُمْ المباهاةُ والمفاخرةُ بكثرةِ المالِ والأولادِ والعَدَدِ، وهذا هِجِّيرى أبناءِ الدنيا العربِ وغيرهم لا يتخلصُ منه إلا العلماء المتقون، قال الفخر: فالألفُ واللامُ في التَّكاثُرُ ليسَ للاسْتِغْرَاقِ بَلْ للمَعْهُودِ السَّابِقِ في الذِّهْنِ، وهو التكاثرُ في الدنيا ولذاتِها وعلائِقها فإنّه هُو الذي يَمْنَعُ عن طاعةِ اللَّه وعبوديَّتِه ولما كَان ذلك مُقَرَّراً في العقولِ ومُتَّفَقاً عليه في الأديان لاَ جَرَمَ حَسُنَ دخولُ حرف التعريف عليه فالآيةُ دالَّةٌ على أن التكاثرَ والتفاخرَ بما ذُكِرَ مذمومٌ، انتهى.

وقوله تعالى: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ أي حتى مُتُّمْ فَدُفِنْتُم في المقابِر وهذا خبرٌ فيه تَقْرِيعٌ وتوبيخ وتحسُّرٌ، وفي الحديثِ الصحيحِ عنه صلّى الله عليه وسلّم «يَقُولُ ابن آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ يَا بْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أو تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» «١» قال- ص-: قرأ الجمهورُ: «الْهَاكُم» على الخبرِ، وابنُ عباسٍ بالمدِّ، والكسائي «٢» في روايةٍ


(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٧٣) ، كتاب «الزهد والرقائق» باب: (٣/ ٢٩٥٨) ، والترمذي (٥/ ٤٤٧) ، كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة التكاثر (٣٣٥٤) ، (٤/ ٥٧٢) ، كتاب «الزهد» باب: منه (٢٣٤٢) ، والنسائي (٦/ ٢٣٨) ، كتاب «الوصايا» باب: الكراهية في تأخير الوصية (٣٦١٣) ، وأحمد (٤/ ٢٤) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٢١١) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب من حديث أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه نحوه، أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٧٣) ، كتاب «الزهد والرقائق» باب: (٤/ ٢٩٥٩) ، والبيهقي (٣/ ٣٦٩) ، كتاب «الجنائز» باب: ما ينبغي لكل مسلم أن يستعمله من قعر الأمل، وابن حبان في «صحيحه» (٨/ ٣٥- ٣٦) كتاب «الزكاة» باب: ما جاء في الحرص وما يتعلق به (٣٢٤٤) .
(٢) ينظر: «مختصر القراءات» (١٧٩) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٥٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>