للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرْسِي رضي اللَّه عنه يقول: واللَّه مَا رَأَيْتَ العزَّ إلاَّ في رفع الهِمّة عن الخلق، واذكر رحمك اللَّه هنا: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: ٨] .

ففي العز الذي أَعزّ اللَّه به المؤمن رفْعُ همته إلى مولاه، وثقتُه به دُونَ مَنْ سِوَاهُ، واستحي من اللَّه بعد أن كساك حُلّة الإيمان، وزينك بزينة العِرْفان أن تستولي عليك الغفلة والنسيان حتى تميل إلى الأكوان «١» ، أو تطلب من غيره تعالى وجود إحسان، ثم قال:

ورفع الهِمَّة عن الخلْقِ: هو ميزانُ ذوي الكمال ومِسْبار الرجال، كما توزن الذَّواتُ كذلك توزن الأحوالُ والصِّفَاتُ. انتهى.

ومن كتاب «صفوة التصوف» لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ حَدِيثٌ «٢» بسنده عن ابن عمر قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلّم رَجَلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدَّثْنِي حَدِيثاً، واجعله موجزا، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «صَلَّ صَلاَةَ مُوَدَّع، كَأَنَكَ تَرَاهُ، فَإنْ كُنْتَ لاَ تَرَاهُ، فَإنَّهُ يُرَاكَ، وَايَأَس مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، تَعْشِ غَنِيّاً، وإِيَّاكَ وَمَا يُعَتَذَّرُ مِنْهُ» ورواه أبو أيوب الأنصاري بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلّم «٣» إنتهى.

وَقالُوا لَوْلا يَأْتِينا محمدٌ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ، أي: بعلامة مما اقترحناها عليه، ثم وبخهم سبحانه بقوله: أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولى أَيْ: [ما في] «٤» التوراة، وغيرها، ففيها أعظم شاهد، وأكبر آية له سبحانه.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٣٤ الى ١٣٥]

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥)

وقوله سبحانه: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ أي: من قبل إرسالنا إليهم محمداً، لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا ... الآية، وروى أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يَحْتَجُّ عَلَى اللَّه تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب


(١) في ج: الأخوان.
(٢) في ج: حدث.
(٣) أخرجه البيهقي في «الزهد» (٥٢٨) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» رقم (٩٥٢) ، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (١/ ١٠٨) من حديث ابن عمر.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠/ ٢٣٢) ، وقال: رواه الطبراني في «الأوسط» ، وفيه من لم أعرفهم.
(٤) سقط في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>