للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَتْ فِي المؤمنينَ، قال الطَّبريُّ «١» وغيره: مُمْتَنِعٌ أن يكون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تعوَّذ لأمَّته مِنْ هذه الأشياءِ الَّتي توعَّد بها الكُفَّار، وهَوَّنَ الثالثةَ لأنَّها بالمعنى هي التي دعا فيها، فمنع حسب حديثِ «المُوطَّإ» وغيره، ومِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ: لفظٌ عامٌّ للمنطبقِينَ علَىَ الإنسان، وقال السُّدِّيُّ، عن أبي مالِكٍ: مِنْ فَوْقِكُمْ: الرَّجْم، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ

: الخَسْف «٢» وقاله سعيدُ بن جُبَيْر ومجاهد «٣» .

وقوله سبحانه: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً: معناه: يخلِّطكم فِرَقاً، والبأْسُ: القَتْل، وما أشبهه من المَكَارِهِ، وفي قوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ: استرجاعٌ لهم، وإنْ كان لفظها لَفْظَ تعجيب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فمضمَّنها أنَّ هذه الآياتِ والدلائلَ إنما هي لاستصرافهم عن طريقِ غَيِّهم، والفِقْهُ: الفَهْمُ.

وقوله تعالى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ، الضمير في بِهِ عائدٌ على القُرآن الذي فيه جاءَ تصريفُ الآياتِ قاله السُّدِّيُّ «٤» ، وهذا هو الظاهرُ، ويحتملُ أنْ يعود الضميرُ على الوَعِيدِ الذي تضمَّنَتْه الآيةُ، ونحا إليه الطبريُّ «٥» ، وقوله: قُلْ لَسْتُ/ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ: معناه: لسْتُ بمدفوعٍ إلى أخْذكم بالإيمان والهدى، وهذا كان قَبْلَ نزول آياتِ الجهادِ والأمْرِ بالقتالِ، ثم نُسِخَ.

وقوله سبحانه: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ: أيْ: غايةٌ يعرف عندها صدقه من كذبه، وسَوْفَ تَعْلَمُونَ: تهديد محض ووعيد.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٦٨ الى ٦٩]

وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩)

وقوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ


(١) ينظر الطبري (٥/ ٢٢٣) .
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٢١٧) برقم (١٣٣٤٧) بنحوه، (١٣٣٥٠) بنحوه وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٣) .
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٢١٧) برقم (١٣٣٤٨) ، (١٣٣٤٩) بنحوه وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٣٢) وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد بنحوه.
(٤) أخرجه الطبري (٥/ ٢٢٤) رقم (١٣٣٨٥) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٣٧) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن السدي بنحوه.
(٥) ينظر الطبري (٥/ ٢٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>