للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم، وقرأ الجمهور «١» : «وَثَمُودَا» بالنصب عطفاً على «عاداً» «وقومَ نوحٍ» عطفاً على «ثمود» .

وقوله: مِنْ قَبْلُ لأَنَّهم كانوا أَوَّلَ أُمَّة كَذَّبت من أهل الأرض، والْمُؤْتَفِكَةَ:

قرية قومِ لوطٍ أَهْوى أي: طرحها من هواء عالٍ إلى سفل.

[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٥٥ الى ٥٨]

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨)

وقوله سبحانه: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى مخاطبة للإنسان الكافر كأَنَّه قيل له: هذا هو اللَّه الذي له هذه الأفعال، وهو خالِقُكَ المُنْعِمُ عليكَ بكُلِّ النِّعَمِ، ففي أَيّها تشك وتتمارى؟! معناه: تتشكك، وقال مالك الغفاريُّ: إنَّ قوله: أَلَّا تَزِرُ إلى قوله:

تَتَمارى هو في صحف إِبراهيم وموسى.

وقوله سبحانه: هذا نَذِيرٌ يحتمل أَنْ يشير إلى نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهو قول قتادة وغيره «٢» ، وهذا هو الأشبه، ويحتمل أنْ يشير إلى القرآن، وهو تأويل قوم، ونَذِيرٌ يحتمل أَنْ يكونَ بناء اسم فاعل، ويحتمل أَنْ يكون مصدراً، ونُذُر جمع نذير.

وقوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ معناه: قربت القريبة، والآزفة: عبارة عن القيامة بإجماعٍ من المفسرين، وأَزِفَ معناه قَرُبَ جدًّا قال كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ: [البسيط]

بَانَ الشَّبَابُ وَآهَا الشَّيْب قَدْ أَزِفَا ... ولا أرى لشباب ذاهب خلفا «٣» ،

وكاشِفَةٌ يحتمل أَنْ تكون صفة لمؤنث التقدير: حال كاشفة ونحو هذا التقدير، ويحتمل أَنْ تكونَ بمعنى: كاشف قال الطبريُّ «٤» والزَّجَّاج: هو من كشف السّرّ، أي:


(١) وقرأها غير مصروفة حمزة، وعاصم، والحسن وعصمة.
ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٠٨) ، و «البحر المحيط» (٨/ ١٦٦) ، و «معاني القراءات» (٣/ ٤٠) ، و «العنوان» (١٨٢) ، و «حجة القراءات» (٦٨٨) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢/ ٥٠٣) .
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٥٤٠) برقم: (٣٢٦٥٦) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٥٦) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٠٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ١٧٢) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) وبعده:
عاد السواد بياضا في مفارقه ... لا مرحبا ها بذا اللون الذي ردفا
ينظر: «ديوانه» (٧٠) ، «المحرر الوجيز» (٥/ ٢١٠) .
(٤) ينظر: «تفسير الطبري» (١١/ ٥٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>