للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية، وتُوعَدُونَ يحتمل أن يكون من الوعد، ويحتمل أن يكون من الإيعاد، وهو أظهر، والدِّينَ: الجزاء، وقال مجاهد: الحساب «١» .

ثم أقسم تعالى بمخلوق آخر، فقال: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ والحُبُكُ: الطرائق التي هي على نظامٍ في الأجرام، ويقال لما تراه من الطرائق في الماء والرمال إذا أصابته الريحُ:

حبك، ويقال لِتَكَسُّرِ الشعر: حُبُك، وكذلك في المنسوجات من الأكسية وغيرها طرائِقُ في موضع تداخل الخيوط هي حبك وذلك لجودة خِلْقَةِ السماء ولذلك فَسَّرَها ابن عباس وغيره «٢» بذات الخلق الحَسَنِ وقال الحسن «٣» : حبكها كواكبها.

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٨ الى ١٢]

إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢)

وقوله سبحانه: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يحتمل أنْ يكون خطاباً لجميع الناس، أي: منكم مؤمن بمحمد، ومنكم مُكَذِّبٌ له، وهو قول قتادة «٤» ، ويحتمل أَنْ يكونَ خطاباً للكفرة فقط لقول بعضهم: شاعر، وبعضهم: كاهن، وبعضهم: ساحر، إلى غير ذلك وهذا قول ابن زيد «٥» .

ويُؤْفَكُ معناه: يُصْرَفُ، أي: يصرف من الكفار عن كتاب اللَّه مَنْ صُرِفَ مِمَّنْ غلبت عليه شَقَاوَتُهُ، وعُرْفُ الاستعمال في «أفك» إنَّما هو في الصرف من خير إلى شَرٍّ.

وقوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ دعاءٌ عليهم كما تقول: قاتلك اللَّه، وقال بعض المفسرين. معناه: لُعِنَ الخرَّاصون، وهذا تفسير لا يعطيه اللفظ.

ت: والظاهر ما قاله هذا المُفَسِّرُ قال عِيَاضٌ في «الشفا» وقد يقع القتل بمعنى اللعن قال الله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ وقاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: ٤]


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٤٤٤) برقم: (٣٢٠٣٦) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١٧٢) .
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٤٤٥) برقم: (٣٢٠٤٠) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٢٩) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١٧٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٣٢) .
(٣) أخرجه الطبري (١١/ ٤٤٥) برقم: (٣٢٠٥٢) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٢٩) ، وابن عطية (٥/ ١٧٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٣٢) .
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ٤٤٦) برقم: (٣٢٠٦٠) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٣٢) .
(٥) أخرجه الطبري (١١/ ٤٤٦) برقم: (٣٢٠٦١) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>