للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما عِدَّةُ مَنْ لاَ قَرْءَ لَهَا مِنْ صِغَرٍ أو كِبَرٍ «١» ، فنزلَتْ هذه الآية، فقالَ قائلٌ منهم: فَمَا عِدَّةُ الحَامِلِ فنزلَتْ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وهُو لفظٌ يَعُمُّ الحواملَ المطلقاتِ والمعْتَدَّاتِ من الوَفَاةِ، والارتيابُ المذكورُ قيلَ: هو بأمر الحَمْلِ.

وقوله سبحانه: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ... الآية، أمْرٌ بإسكانِ المطلقاتِ ولاَ خِلاَفَ في ذلك في التي لَمْ تُبَتَّ وأمَّا المَبْتُوتَةُ فَمَالكٌ يَرَى لَها السُّكْنَى لمكانِ حِفْظِ النسب، ولا يَرَى لها نَفَقَةً لأنَّ النفقةَ بإزَاء الاسْتِمْتَاعِ، وقال الثعلبيُّ: مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ أي: في مساكِنِكم التي طلقتموهنَّ فِيها، انتهى، والوُجْدُ السِّعَةُ في المالِ، وأما الحَامِلُ فَلا خِلاَفَ في وُجُوبِ سُكْنَاها ونفقتِها بُتَّتْ أوْ لَمْ تُبَتَّ لأَنَّها مُبَيَّنة في الآيةِ، وأَنما اخْتَلَفُوا في نفقةِ الحامِل المُتَوفَّى عَنْهَا زوجُها، هَلْ يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ التِّرْكَةِ، أمْ لاَ، وكذلكَ النَّفَقَةُ على المُرْضِعِ المطلقةِ وَاجِبَةٌ، وبَسْطُ ذلك في كتبِ الفقه.

وقوله سبحانه: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أي ليأمُرْ كلُّ واحدٍ صاحبَه بخيرٍ، ولْيَقْبَلْ كلُّ أحَدٍ مَا أُمِرَ بهِ من المعروف.

وقوله سبحانه: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ أي: تَشَطَّطت «٢» المرأة في الحدِّ الذي يكونُ أُجْرَةً على الرِّضَاعِ، فللزَّوْجِ أن يسترضع/ بما فيه رفقه أَلاَّ يقبلَ المولودُ غَيْرَ أمِّه، فَتُجْبَرُ هِي حِينَئِذٍ عَلى رَضَاعِه بأجْرَةِ مثلها ومثل الزوجِ في حالهما وغناهما.

ت: وهذا كله في المطلقة البائِنِ، قال ابن عبد السلام من أصحابنا: الضمير في قوله تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ عائِدٌ على المطلقاتِ وكَذَلِكَ قوله تعالى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ [البقرة: ٢٣٣] وأمَّا ذَاتُ الزوج أو الرَّجْعِية، فَيَجِبُ عليها أنْ ترضِعَ مِنْ غَيْر أجْرٍ إلا أنْ تكون شريفة فلا يلزمها ذلك، انتهى.

[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ٧ الى ١١]

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (١١)


(١) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٢٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٥٨) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن المنذر من طريق الثوري.
(٢) الشّطط: مجاوزة القدر في بيع أو طلب أو احتكام أو غير ذلك من كلّ شيء.
ينظر: «لسان العرب» (٢٢٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>