للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عطاء الله في «لطائف المنن» : وإِذا أراد اللَّه أن يعطِيَ عبداً شيئاً وهبه الاضطرار إِلَيْهِ فيه، فيطلبه بالاِضطرارِ، فيعطى، وإِذا أراد اللَّه أن يمنع عبداً أمراً، منعه الاضطرَار إِلَيْه فيه، ثم منعه إِياه، فلا يُخَافُ علَيْكَ أن تضطرَّ، وتطلب، فلا تعطى، بل يُخَافُ عليك أنْ تُحْرَمَ الاضطرارَ، فتحرم الطَّلَب، أو تَطْلُب بغير اضطرارٍ، فتحرم العطاء.

انتهى.

وقوله سبحانه: وَلْيُؤْمِنُوا بِي، قال أبو رجاءٍ: في أنَّني أجيبُ دعاءهم، وقال غيره: بل ذلك دعاءٌ إِلى الإِيمان بجملته.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٨٧ الى ١٨٨]

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧) وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)

وقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ ... الآيةَ: لفظة أُحِلَّ تقتضي أنه كان محرَّماً قبل ذلك «١» ، ولَيْلَةَ: نصب على الظّرف.

والرَّفَثُ: كناية عن الجِمَاع لأن اللَّه تعالى كريمٌ يُكَنِّي قاله ابن عَبَّاس «٢» وغيره، والرَّفَثُ في غير هذا: ما فَحُشَ من القول، وقال أبو إِسْحَاق «٣» : الرَّفَثُ: كلُّ ما يأتيه الرجُلُ، مع المرأة من قُبْلةٍ، ولَمُسٍ «٤» .

ع «٥» : أو كلامٍ في هذا المعنى، وسببُ هذه الآيةِ فيما قال ابن عَبَّاس وغيره: إِن جماعةً من المسلمين اختانوا أنفُسَهُم، وأصابوا النِّسَاء بعد النّوم، أو بعد صلاة العشاء على


(١) ينظر: «تفسير الرازي» (٥/ ٨٨- ٨٩) .
(٢) أخرجه الطبري (٢/ ١٦٧- ١٦٨) برقم (٢٩٢٨) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ١٧٩) برقم (١٣٢٣٠) . وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٥٦) ، والبغوي في «التفسير» (١/ ١٥٦) .
(٣) «معاني القرآن» (١/ ٢٥٥) ، ولفظه: الرّفث: كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من المرأة.
وينظر: «عمدة الحفاظ» (٢/ ١١٤) .
(٤) ذكره ابن عطية في «التفسير» (١/ ٢٥٧) .
(٥) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>