للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ كَتَبَ عَلَيكُمُ السَّعْيَ، فاسعوا» ، صحَّحه الدارقطنيُّ «١» ويعضِّده المعنى، فإنه شعار، أي: معلم لا يخلو عنه الحجُّ والعمرة، فكان ركناً كالطواف. انتهى.

وَمَنْ تَطَوَّعَ: أي: زاد بِرًّا بعد الواجبِ في جميع الأعمال، وقال بعضهم: معناه:

من تطوَّع بحجٍّ أو عمرةٍ بعد حجَّةِ الفريضةِ، ومعنى شاكِرٌ، أي: يبذل الثوابَ والجزاءَ، عَلِيمٌ: بالنيات والأعمال لا يضيعُ معه لعاملٍ عمل.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٥٩ الى ١٦٠]

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)

وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنْزَلْنا ... الآيةَ: المراد ب «الذين» : أحبار اليهود «٢» ، ورهبانُ النصارى الذين كتموا أمر محمّد صلّى الله عليه وسلم وتتناول الآية بَعْدُ كلَّ من كتم علمًا من دين اللَّه يُحْتَاجُ إلى بَثِّهِ، وذلك مفسّر في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ، فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ القيامة بلجام من النّار» «٣» .


(١) أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان، البغدادي الدارقطني، الحافظ الكبير، ولد سنة ٣٠٦، تفقه بأبي سعيد الإصطخري، صنف المصنفات المفيدة، منها السنن والعلل وغيرهما، قال الحاكم: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماما في النحو، والقراءة، وأشهد أنه لم يخلق على أديم الأرض مثله. مات سنة ٣٨٥.
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (١/ ١٦١) ، «تاريخ بغداد» (١٢/ ٣٤) ، «وفيات الأعيان» (٢/ ٤٥٩) .
(٢) ينظر: «الطبري» (٣/ ٢٤٩) ، و «معاني الزجاج» (١/ ٢١٨) ، و «الدر المنثور» (١/ ١٦٢) ، عن مجاهد والسدي وقتادة، وابن كثير (١/ ٢٠٠) عن أبي العالية، و «غرائب النيسابوري» (٢/ ٦٧) عن ابن عباس، و «أسباب النزول» للواحدي (ص ٣١) ، و «أسباب النزول» للسيوطي (ص ٢٧) .
(٣) ورد من حديث أبي هريرة، وحديث عبدُ اللَّه بن عمرو بن العاص، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعمرو بن عبسة، وطلق بن علي.
فأما حديث أبي هريرة أخرجه أبو داود (٢/ ٣٤٥) في العلم، باب كراهية منع العلم (٣٦٥٨) ، والترمذي (٥/ ٢٩) في العلم، باب ما جاء في كتمان العلم (٢٦٤٩) ، وابن ماجه (١/ ٩٦) في «المقدمة» ، باب من سئل عن علم فكتمه (٢٦١) ، وأحمد في «المسند» (٢/ ٢٦٣، ٣٠٥، ٣٤٤، ٣٥٣، ٤٩٥) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٩/ ٥٥) ، والطيالسي (٢٥٣٤) ، وأبو يعلى (١١/ ٢٦٨) ، برقم (٦٣٨٣) ، وابن حبان (٩٥- موارد) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٤٣٢) ، من طريقين: حماد بن سلمة، وعمارة بن زاذان، وعن علي بن الحكم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حديث حسن. وقال العقيلي في «الضعفاء» (١/ ٧٤) ، إسناده صالح.
وقال الذهبي في «الكبائر» (ص ١٢٢) : إسناده صحيح، رواه عطاء بن أبي هريرة.
وقال الحافظ في «القول المسدد» ص ٤٥ بعد ما أورد الحديث من طريق أبي داود: والحديث وإن لم-

<<  <  ج: ص:  >  >>