للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَهْر، ثم خاطب تعالَى الجميعَ نادباً بقوله: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى، أي: يا جميعَ الناسِ، وقرأ عليُّ بن أبي طالبٍ. وغيره: «وَلاَ تَنَاسَوا الفَضْلَ» ، وهي قراءةٌ متمكِّنة المعنى «١» لأنه موضع تناسٍ، لا نسيان إِلا على التشْبيه.

وقوله تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ: ندْبٌ إِلى المجاملة.

وقوله: إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَبَرٌ، وضمنه الوَعْد للمحسِنِ والحِرْمان لغير المحسن.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣٨ الى ٢٣٩]

حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)

قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ... الآية: الْخِطابُ لجميع الأمة، والآية أَمْر بالمحافظةِ عَلَى إِقامة الصَّلوات في أوقاتها، وبجميع شروطها، وخرَّج الطحاويُّ «٢» عن ابنِ مسعودٍ، عن النبيُّ صلّى الله عليه وسلم قال: «أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةُ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ تعالى وَيَدْعُوهُ، حتى صَارَتْ وَاحِدَةً، فامتلأ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَاراً، فَلَمَّا ارتفع عَنْهُ، أَفَاقَ، فَقَالَ: عَلاَمَ جَلَدتَّنِي؟ قَالَ: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، ومَرَرْتَ على مَظْلُومٍ، فَلَمْ تَنْصُرْهُ» «٣» . انتهى من «التذْكِرَة» للقرطبيِّ «٤» .

وفي الحديثِ: «أنَّ الصَّلاَةَ ثَلاَثَةُ أَثْلاَثٍ الطُّهُورُ ثُلُثٌ، وَالرُّكُوعُ ثلث، والسّجود ثلث،


(١) ينظر: «المحتسب» (١/ ١٢٧) ، و «مختصر الشواذ» (ص ٢٢) . وزاد ابن عطية نسبتها إلى مجاهد وأبي حيوة، وابن أبي عبلة.
ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٣٢٢) ، و «البحر المحيط» (٢/ ٢٤٧) ، و «الدر المصون» (١/ ٥٨٨) .
(٢) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي، الطحاوي، أبو جعفر: فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية ب «مصر» ، ولد ونشأ في «طحا» من صعيد مصر ٢٣٩ هـ، وتفقه على مذهب الشافعي ثم تحول حنفيا.
وتوفي ب «القاهرة» ٣٢١ هـ وهو ابن أخت المزني. من تصانيفه: «شرح معاني الآثار» ، و «بيان السنة» ، و «الشفعة» ، و «المحاضر والسجلات» ، و «مشكل الآثار» ، وأحكام القرآن» ، و «المختصر» في الفقه، وشرحه كثيرون.
ينظر: «الأعلام» (١/ ٢٠٦) ، «البداية والنهاية» (١١/ ١٧٤) ، «لسان الميزان» (١/ ٢٧٤) ، «اللباب» (٢/ ٨٢) .
(٣) أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٤/ ٢٣١) ، وقال الطحاوي: في هذا الحديث ما يدلّ على أن تارك الصلاة ليس بكافر لأن من صلى صلاة بغير طهور فلم يصل، وقد أجيبت دعوته، ولو كان كافرا ما أجيبت له دعوة لأن الله (تبارك وتعالى) يقول: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ.
(٤) ينظر: «التذكرة» (١/ ١٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>