للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ... الآية، هذه الآيةُ طعن وردّ على المستغربين أمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وباقي الآية بيِّن.

وقوله سبحانه لموسَى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ: أي: عظْهم بالتهديدِ بِنِقَمِ اللَّهِ التي/ أحلَّها بالأمم الكَافرة قَبْلهم، وبالتَّعْديدِ لنعمه علَيْهم، وعَبَّرَ عن النعم وَالنِّقَمِ ب «الأَيَّامِ» إِذ هي في أيامٍ، وفي هذه العبارةِ تعظيمُ هذه الكوائنِ المذكَّر بها، وفي الحديثِ الصحيحِ:

«بَيْنَمَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ أيَّامَ اللَّهِ ... » الحديث، في قصة موسَى مع الخَضِرِ.

قال عياضٌ في «الإِكمال» : «أَيَّامِ الله» : نَعْمَاؤه وبلاؤه، انتهى. وقال الداوديّ: وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ: قال: بِنِعَمِ اللَّهِ» وعن قتادة: لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ: قال: نعْمَ، واللَّهِ، العبدُ إِذا ابتلي صَبَرَ، وإِذا أُعْطِيَ شَكَرَ. انتهى «١» .

وقال ابنُ العربيِّ في «أَحكامه» : وفي بِأَيَّامِ اللَّهِ قولان: أحدهما: نعمه. والثاني:

نقمه. انتهى.

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٧ الى ٩]

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)

وقوله: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ... الآية: «تأَذَّن» : بمعنى آذَنَ، أي: أعلم.

قال بعضُ العلماء: الزيادةُ على الشُّكر ليستْ في الدنيا، وإِنما هي مِنْ نعم الآخرةِ، والدنيا أهْوَنُ من ذلك.

قال ع «٢» : وجائزٌ أن يزيدَ اللَّه المؤمِنَ علَى شُكْره من نعمِ الدنيا والآخرةِ، «والكُفْرِ» هنا: يحتمل أن يكون على بابه، ويحتملُ أنْ يكون كفرَ النِّعَمِ، لا كفر الجحد،


(١) أخرجه الطبري (٧/ ٤١٨) برقم: (٢٠٥٨١) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٢٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٣٢) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٣٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>