للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة النبأ]

وهي مكّيّة بإجماع

[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)

قوله عز وجل: عَمَّ يَتَساءَلُونَ أصل «عم» : «عَنْ مَا» ثُمَّ أُدْغمتِ النونُ بَعْدَ قَلْبِهَا [في الميم لاشْتِرَاكِهِما في الغُنَّة] فبقي «عما» في الخبرِ وفي الاستفهام، ثم حذفوا الألفَ في الاستفهامِ فرقاً بينَه وبين الخبر، ثم مِنَ العرب مَنْ يخففُ الميم فيقول: «عَمْ» ، وهذا الاستفهامُ ب «عم» استفهام توقيف وتعجيب، والنَّبَإِ الْعَظِيمِ قال ابن عباس وقتادة: هو الشَّرعُ الذي جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم «١» ، وقال مجاهد: هو القرآن «٢» خاصةً، وقال قتادة أيضاً:

هو البعثُ من القبور «٣» ، والضميرُ في: يَتَساءَلُونَ لكفارِ قريشٍ ومن نَحا نَحْوَهم، وأكْثَر النحاة أن قوله: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ متعلقٌ ب يَتَساءَلُونَ، وقال الزجاج: الكلام تامُّ في قوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ ثُمَّ كان مقتضَى القولِ/ أن يجيبَ مجيبٌ فيقول: يتساءلونَ عن النبأ العظيم، وله أمثلة في القرآن اقتضَاها إيجازُ القرآن وبلاغتُه، واختلافُهم هو شكُّ بعضٍ وتكذيبُ بعضٍ، وقولهُم: سِحْرٌ وكهانةٌ إلى غير ذلك من باطلهم.

[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٤ الى ٧]

كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧)

وقوله تعالى: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ رَدّ على الكفارِ في تكذيبِهم ووعيدٌ لهم في المستقبلِ، وكَرَّرَ عليهمُ الزَّجْرَ والوعيدَ تأكيداً، والمعنى: سيعلمون عاقبةَ تكذيبِهم، ثم وقفَهُم تعالى ودَلَّهم على آياتِه، وغرائبِ مخلوقاتِه، وقدرته التي تُوجِبُ للناظرِ فيها الإقْرَارَ بالبعثِ والإيمانَ باللَّه تعالى، ت: وفي ضِمْنِ ذلكَ تَعْدِيدُ نِعَمِهِ سبحانه التي يجب


(١) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣) .
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣) ، والبغوي (٤/ ٤٣٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٩٨) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٩٦) ، (٣٦٠٠٠) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣) ، والبغوي (٤/ ٤٣٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٢) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>