للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سائر الصفات المذمومة، فينبغي أن يقرأه العبد، ويردّد الآية الّتي هو محتاج إلى التفكّر فيها مرة بعد أخرى، ولو ليلة كاملة، فقراءة آية بتفكّر وفهم خير من ختمة من غير تدبّر وفهم فإن تحت كل كلمة منه أسرارا لا تنحصر، ولا يوقف عليها إلا بدقيق الفكر عن صفاء القلب بعد صدق المعاملة وكذلك حكم مطالعة أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي عليه السلام جوامع الكلم، فكل كلمة من كلماته بحر من بحور الحكمة، لو تأمله العالم حقّ تأمله، لم ينقطع فيه نظره طول عمره، وشرح آحاد الآيات والأخبار يطول، وانظر قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ روح القدس نفث في روعي «١» أحبب من أحببت، فإنّك مفارقه، وعش ما شئت فإنّك ميّت، واعمل ما شئت، فإنّك مجزيّ به» فإن هذه الكلمات جامعة لحكم الأولين والآخرين وهي كافية للمتأملين، ولو وقفوا على معانيها، وغلبت على قلوبهم غلبة يقين، لاستغرقتهم، ولحالت بينهم، وبين التلفّت إلى الدنيا بالكلية. انتهى من «الإحياء» .

[باب في فضل تفسير القرآن وإعرابه]

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه «٢» ، فإنّ الله تعالى يحبّ أن يعرب» .

قال أبو العالية «٣» في تفسير قوله عز وجلّ: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً


(١) الرّوع: القلب والعقل، ووقع ذلك في روعي، أي نفسي وخلدي وبالي.
ينظر: «لسان العرب» ١٧٧٨.
(٢) أخرجه أبو يعلى (١١/ ٤٣٦) ، رقم (٦٥٦٠) ، والحاكم (٢/ ٤٣٩) ، وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٥٦) ، رقم (٩٩٦١) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٨/ ٧٧- ٧٨) كلهم من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد على مذهب جماعة من أئمتنا. وتعقبه الذهبي بقوله: بل أجمع على ضعفه.
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧/ ١٦٧) وقال: رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن سعيد المقبري، وهو متروك.
والحديث ذكره السيوطي في «الجامع الصغير» (١/ ٥٥٨- فيض) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، والحاكم، والبيهقي في «شعب الإيمان» ورمز له بالضعف، ووافقه المناوي.
وذكره أيضا الألباني في «السلسلة الضعيفة» .. رقم (١٣٤٥) وقال: ضعيف جدا.
(٣) رفيع- بضم أوله مصغرا- ابن مهران الرياحي- بكسر المهملة- مولاهم، أبو العالية البصري، مخضرم، إمام من الأئمة، صلى خلف عمر، دخل على أبي بكر، روى عن أبي، وعلي، وحذيفة، وعلى خلق.
وعنه قتادة، وثابت، وداود بن أبي هند بصريون وخلق. قال عاصم الأحول: كان إذا اجتمع عليه أكثر من أربعة قام وتركهم. قال مغيرة: أول من أذّن بما وراء النهر أبو العالية. قال أبو خلدة: مات سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>