للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ معناه: بقدرته واختراعه إلى خلق السماء وإيجادها.

وقوله تعالى: وَهِيَ دُخانٌ رُوِيَ: أنَّها كانت جسماً رخْواً كالدُّخَانِ أوِ البُخَارِ، ورُوِيَ: أَنَّه ممَّا أَمَرَهُ اللَّه تعالى أنْ يَصْعَدَ مِنَ الماء، وهنا محذوفٌ، تقديرهُ: فأوجَدَهَا، وأتقنها، وأكمل أمْرهَا، وحينئذٍ قال لها وللأرْضِ أئتيا بمعنى ائتيا أمري وإرادتي فيكما، وقرأ ابن عباس: «آتِيَا» «١» بمعنى: أعطيا مِنْ أنْفُسِكُمَا من الطاعة ما أردتُهُ منكما «٢» ، والإشارةُ بهذا كلِّه إلى تسخيرهما وما قَدَّرَهُ اللَّه من أعمالهما.

وقوله: أَوْ كَرْهاً فيه محذوف تقديره ائتيا طَوْعاً وإلاَّ أتيتما كرهاً.

وقوله سبحانه: قالَتا أراد الفرقتَيْنِ جعل السمواتِ سماءً والأرضِينَ أرْضاً، واختلف في هذه المقالةِ مِنَ السموات والأرضِ، هَلْ هُوَ نُطْقٌ حقيقةٌ أو هو مجازٌ؟ لما ظهر عليها من التذلُّل والخضوعِ والانقيادِ الذي يتنزل منزلة النطق، قال- عليه السلام «٣» : والقول الأَوَّل: أَنَّه نُطْقٌ حقيقة- أَحْسَنُ لأَنه لا شَيْءَ يدفعه-، وأَنَّ العبرة به أَتَمُّ والقدرة فيه أظهر.

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٢ الى ١٥]

فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥)

وقوله تعالى: فَقَضاهُنَّ معناه: فَصَنَعَهُنَّ وأَوْجَدَهُنَّ، ومنه قول أبي ذُؤَيْبٍ:

[الكامل]

وَعَلَيْهِمَا/ مسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... داوود أو صنع السّوابغ تبّع «٤»


(١) وقرأ بها سعيد بن جبير، ومجاهد.
ينظر: «المحتسب» (٢/ ٢٤٥) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٧) ، و «البحر المحيط» (٧/ ٤٦٦) ، و «الدر المصون» (٦/ ٥٨) .
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٩٢) برقم: (٣٠٤٥٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ١٠٩) آية رقم (١١) ، وابن عطية (٥/ ٧) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٧) .
(٤) وهو لأبي ذؤيب «في سرّ صناعة الإعراب» (٢/ ٧٦٠) ، و «شرح أشعار الهذليين» (١/ ٣٩) ، و «شرح المفصل» (٣/ ٥٩) ، و «لسان العرب» (٨/ ٣١) (تبع) ، (٨/ ٢٠٩) (صنع) ، (١٥/ ١٨٦) (قضى) ، و «المعاني الكبير» ص: (١٠٣٩) ، وبلا نسبة في «شرح المفصل» (٣/ ٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>