للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَزْكى معناه: أكثر فيما ذكر عكرمة «١» ، وقال ابن جُبَيْر: المراد أحَلّ «٢» ، وقولهم: يَرْجُمُوكُمْ قال الزجاج: بالحجارة، وهو الأصح وقال حَجَّاج: «يرجموكم» معناه: بالقول وقوله سبحانه: وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ: الإِشارة في قوله: وَكَذلِكَ إلى بعثهم ليتساءلوا، أي: كما بعثناهم، أعثرنا عليهم، والضمير في قوله: لِيَعْلَمُوا يحتمل أن يعود على الأمَّة المسلمة الذين بُعِثَ أهّل الكهف على عهدهم، وإلى هذا ذهب الطبريُّ «٣» وذلك أنهم فيما روي دخلتهم حينئذٍ فتنةٌ في أمْرِ الحَشْر وبَعْثِ الأجساد من القبور، فشَكَّ في ذلك بعضُ الناس، واستبعدوه، وقالوا: إِنما تُحْشَر الأرواح، فشَقَّ ذلك على مَلِكهم، وبقي حَيرَان لا يَدْرِي كيف يبيِّن أمره لهم، حتى لَبَس المُسُوح، وقعد على الرَّمَادَّ وتضرَّع إلى اللَّه في حُجَّة وبيانٍ، فأعثرهم اللَّه على أَهْل الكهف، فلما/ بعثهم اللَّه، وتبيَّن الناس أمرهم سُرَّ الملِكُ، ورَجَعَ مَنْ كان شَكَّ في بعث الأجساد إلى اليقين به، وإلى هذا وقعت الإِشارة بقوله: إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ على هذا التأويل، ويحتمل أن يعود الضميرُ في لِيَعْلَمُوا على أصحاب الكهف، وقوله: إِذْ يَتَنازَعُونَ على هذا التأويل: ابتداءُ خبرٍ عن القوم الذين بُعِثُوا على عهدهم، والتنازع على هذا التأويل إِنما هو في أمر البناء أو المسجد، لا في أمر القيامة، وقد قيل: والتنازع إِنما هو في أنْ اطلعوا عَليْهم، فقال بعضهم: هم أمواتٌ، وبعضٌ: هم أحياء، وروي أنَّ بعض القومِ ذهبوا إلى طمس الكَهْف عليهم، وترْكِهِم فيه مغيِّبين، فقالت الطائفة الغالبة على الأمر: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً، فاتخذوه، قال قتادة: الَّذِينَ غَلَبُوا هم الولاة «٤» .

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٢]]

سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢)

وقوله سبحانه: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ... الآية: الضميرُ في سَيَقُولُونَ يراد به أهْل التوراةِ من معاصري نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أنهم اختلفوا في عدد أهْل الكهف.


(١) أخرجه الطبري (٨/ ٢٠٣) برقم: (٢٢٩٦١) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٥٠٦) ، والبغوي (٣/ ١٥٥) .
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ٢٠٣) برقم: (٢٢٩٦٣) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٥٠٦) .
(٣) ينظر: «الطبري» (٨/ ٢٠٤) .
(٤) ذكره ابن عطية (٣/ ٥٠٧) ، والسيوطي (٤/ ٣٩٢) بنحوه، وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>