[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٢١ الى ٢٦]
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)
وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦)
وقوله سبحانه: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ، أي: يُحْيُونَ غَيْرَهُمُ، ثم بيَّنَ تعالى أَمْرَ التمانُعِ بقوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وقد تَقَدَّمَ إيضاحُ ذلك عند قوله تعالى: إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا [الإسراء: ٤٢] .
١٧ أ/ وقوله: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي يُحْتَمَلُ أَنْ يريدَ بالإشارة بقوله:
هذا إلى جميعِ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ قَدِيمِهَا وَحَدِيثهَا- أَنَّهَا تُبَيِّنُ أَنَّ اللَّه الخالِقَ وَاحِدٌ لا شريكَ له، ويحتمل أَنْ يريدَ بقوله: هذا القرآنَ والمعنى: فيه نَبأ الأَوَّلِينَ والآخرينَ فَنَصَّ أخبارَ الأَولين، وذَكَرَ الغُيُوبَ في أُمُورِهِمْ، حسبما هي في الكتب المُتَقَدِّمَةِ، وَذكَرَ الآخرين بالدعوة، وبيانِ الشرع لهم، ثم حَكَمَ عليهم سبحانه بأَنَّ أَكْثرهم لا يعلمون الحقَّ، لإعراضهم عنه، وليس المعنى: فهم معرضون لأنَّهُم لا يعلمون بلِ المعنى: فهم معرضون، ولذلك لا يعلمون الحَقَّ، وباقي الآية بَيِّنٌ، ثم بَيَّنَ سبحانه نوعاً آخرَ من كُفْرِهِم بقوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً الآية كقول بعضهم: اتَّخَذَ المَلاَئِكَةَ بناتاً، وكما قالتِ النَّصَارَى في عيسى ابن مريم، واليهود في عزيز.
وقوله سبحانه: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ عبارةٌ تَشْمَلُ الملائِكَةَ وعيسى وعزير. وقال ص: بل إِضْرَابٌ عن نسبة الولد إليه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. وعِبادٌ خبرُ مبتدإِ محذوف، أي: هم عباد. قاله أبو البقاء انتهى.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٢٧ الى ٣٣]
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١)
وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)
وقوله سبحانه: لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ عبارةٌ عن حُسْن طاعتهم ومراعاتهم لامتثال