للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذين الاِسمَيْن أنْ يقْرَنَ أحدهما في الذِّكْر بالآخر ليكون ذلك أدلَّ على القدرة والحكمةِ ولهذا السببِ قال اللَّه تعالى: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وإذا ذكرت «القابضَ» منْفرداً عن «البَاسِطِ» ، كنْتَ قد وصفته بالمَنْع والحرمانِ، وذلك غير جائز، وقوله: «المُعِزُّ المُذِلّ» ، وقد عرفْتَ أنه يجبُ في أَمثالِ هذَيْن ذكْرُ كل واحد منهما مع الآخر. انتهى.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٤٦ الى ٢٤٨]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨)

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى ... الآية: هذه الآية خَبَرٌ عن قوم من بني إِسرائيل نالتهم ذِلَّةٌ وغَلَبة عَدُوٍّ فطلبوا الإِذن في الجِهَاد، وأن يؤمروا به، فلمّا أمروا، كعّ أكثرهم «١» ، وصبر الأقلُّ، فنصرهم اللَّه، وفي هذا كلِّه مثالٌ للمؤمنين ليحذروا المَكْرُوه منْه ويقتدوا بالحسن.

والْمَلَإِ: في هذه الآية جميعُ القَوْم لأن المعنى يقتضيه، وهو أصل اللفظة، ويسمى الأشرافُ «المَلأَ» تشبيها، ومِنْ بَعْدِ مُوسى: معناه: مِنْ بعد موته، وانقضاء مدَّته.

وقوله تعالى: لِنَبِيٍّ لَهُمُ، قال ابن إِسحاق وغيره: هو شمويلُ بْن بَابِل «٢» .

وقال السدِّيُّ: هو شَمْعُونُ «٣» ، وكانت بنو إِسرائيل تغلِبُ من حاربها، وروي أنها


(١) أي: نكصوا على أعقابهم.
ينظر: «لسان العرب» (٣٨٩١) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢/ ٦١٠) برقم (٥٦٣٠) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٠) .
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٦١٠) برقم (٥٦٣٠) ، وذكره البغوي في «تفسيره» «معالم التنزيل» (١/ ٢٢٦) ، وينظر «المحرر الوجيز» لابن عطية (١/ ٣٣٠) ، و «النكت والعيون» للماوردي (١/ ٣١٤) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>