للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ع «١» : ولا نظرَ مع الحديث، والوَجَلُ: نحو الاشفاق والخوف، وصورة هذا الوَجِلِ إمَّا المُخَلِّطُ فينبغي أنْ يكونَ أبداً تحت خوف من أنْ يكونَ ينفذ عليه الوعيد بتخليطه، وإمَّا التَّقِيُّ أوِ التائب، فخوفه أمرَ الخاتمة وما يطلع عليه بعد الموتِ، وفي قوله تعالى: أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ: تنبيهٌ على الخاتمة، وقال الحسن: معناه الذين يفعلون ما يفعلون من البِرِّ، ويخافون أَلاَّ يُنْجِيَهُم ذلك من عذاب رَبِّهِم «٢» ، وهذه عبارة حسنة، ورُوِيَ عن الحَسَنِ أيضاً أَنَّهُ قال: المؤمن يجمع إحساناً وشفقةً، والمنافِقُ يجمع إساءَةً وأمناً «٣» .

قلت: ولهذا الخَطْبِ العظيم أطال الأولياءُ في هذه الدار حُزْنَهُمْ وأجروا على الوجنات «٤» مدامعهم.

قال ابن المبارك في «رقائقه» : أخبرنا سفيان قال: إنما الحُزْنُ على قَدْرِ البصيرة «٥» .

قال ابن المبارك: وأخبرنا مالك بن مغول عن رجل عن الحسن قال: ما عُبِدَ اللهُ بمثل طُولِ الحُزْنِ «٦» ، وقال ابن المبارك أيضاً: أخبرنا مسعر عن عبد الأعلى التَّيْمِيِّ قال:

أَنَّ مَنْ أُوتي من العلم ما لا يُبْكِيهِ لخَلِيقِ ألاَّ يكونَ أُوتِيَ عْلماً ينفعه لأَنَّ الله تعالى نعت ٣٢ أالعلماء فقال: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ/ إلى قوله: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ «٧» [الإسراء: ١٠٧- ١٠٩] انتهى.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦١ الى ٦٥]

أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥)


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٤٨) .
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٢٤) برقم (٢٥٥٤٧) ، وذكره البغوي (٣/ ٣١١) ، وابن عطية (٤/ ١٤٨) ، والسيوطي (٥/ ٢٢) ، وعزاه لابن المبارك في «الزهد» ، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٢٤) برقم (٢٥٥٤٩) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٤٨) ، والسيوطي (٥/ ٢١) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن الحسن.
(٤) الوجنة: ما ارتفع من الخدين بين الصدغين وكنفي الأنف.
ينظر: «لسان العرب» (٤٧٧٤) .
(٥) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص ٤٢) رقم (١٢٨) .
(٦) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص ٤١) رقم (١٢٦) .
(٧) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص ٤١) رقم (١٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>