والمقصود أن الإمام الثعالبي- رحمه الله- قد أتى بحظّ وافر من هذه الشروط التي ذكرها أهل العلم حدودا ومراسم لمن أقبل على تفسير الكتاب العزيز. فهو قد فسر كتاب الله بعضه ببعض، وفسره بما فسره من أنزل عليه، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وبما فسره الصحابة والتابعون، كما استخدم اللغة، وشرح الغريب، وتعرض لتصريف بعض الكلمات، وأكثر من المسائل الإعرابية، ثم هو بعد ذلك يذكر مسائل في أصول الدين، وأصول الفقه، وفروعه، وأسباب النزول، وإيراده بعض الإسرائيليات، واحتجاجه بالقراءات المتواترة، وذكره الشاذ منها، على ما سيتضح مما يلي.
العناصر التي بنى عليها الثعالبي مادّة تفسيره:
١- جمعه بين التفسير بالمأثور من كتاب وسنّة، والتفسير بالرأي.
٢- تعرضه لمسائل في أصول الدين.
٣- مسائل أصول الفقه في تفسيره.
٤- تعرضه لآيات الأحكام، وذكره للاختلافات الفقهية.
٥- احتجاجه باللغة، والمسائل النحوية، والتصريفية، وغيرها.
٦- ذكره لأسباب النزول، ومكّيّ القرآن ومدنيّه.
٧- ذكره للقراءات الواردة في الآية.
٨- احتجاجه بالشعر واستشهاده به.
٩- موقفه من الإسرائيليات.
وإليك- أيها القارئ الكريم- تفصيل ذلك:
أولا: جمعه بين التفسير بالمأثور والرّأي:
من المشهور عند أهل العلم أن خير ما فسر به كتاب الله تعالى، تفسير بعضه ببعض، أو بما فسره به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال السيوطي: فإن ما أجمل في مكان، قد فسر في مكان آخر، فإن أعياه ذلك، طلبه في السّنّة فإنها شارحة للقرآن، وموضحة له «١» .
وأما تفسيره كتاب الله بعضه ببعض، فمنه (مثلا) في قوله تعالى:
(١) «التحبير في علم التفسير» (٣٢٣) .