للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَفَا اللَّهُ عَنْها: معناه: تركَها، ولم يُعَرِّفْ بها، قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ...

الآية: قال الطبريُّ «١» : كقومِ صالحٍ في سؤالهم الناقة وكبني إسرائيل في سؤالهم المائدةَ، أي: وكطلب الأممِ قديماً التعمُّقَ في الدِّين من أنبيائها، ثم لم تف بما كلّفت.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٤]

مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤)

وقوله سبحانه: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ ... الآية:

أي: لم يجعلْ سبحانه شيئاً مِنْ ذلك، ولا سَنَّهُ لعباده، المعنى: ولكن الكُفَّار فعلوا ذلك/ كعَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ وغيره مِنْ رؤسائهم يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بقولهم: هذه قربةٌ إلى اللَّهِ، وَأَكْثَرُهُمْ، يعني: الأتْبَاعَ لاَ يَعْقِلُونَ، بل يتّبعون هذه الأمور تقليدا، وجَعَلَ في هذه الآية: لا يتَّجه أنْ تكون بمعنى «خَلَقَ» ، ولا بمعنى «صَيَّرَ» ، وإنما هي بمعنى: «مَا سَنَّ ولا شَرَعَ» .

قال ص: مَّا جَعَلَ: ذَهَبَ ابن عطيةَ والزمخشريُّ «٢» إلى أنها بمعنى: «شرع» ،


- والنسائي (٥/ ١١٠) كتاب «الحج» ، باب وجوب الحج، وأحمد (٢/ ٤٤٧- ٤٤٨، ٤٥٧، ٤٦٧، ٥٠٨) وابن خزيمة رقم (٢٥٠٨) من طريق محمد بن زياد، عن أبي هريرة. وأخرجه عبد الرزاق (١١/ ٢٢٠) رقم (٢٠٣٧٤) ومسلم (٤/ ١٨٣١) كتاب «الفضائل» ، باب توقيره صلّى الله عليه وسلّم (١٣١/ ١٣٣٧) وأحمد (٢/ ٣١٣) والبغوي في «شرح السنة» (١/ ١٧٦- بتحقيقنا) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٤٧، ٤٢٨، ٥١٧) ، والحميدي (٢/ ٤٧٧) رقم (١١٢٥) وابن حبان (٢٠٩٧- الإحسان) من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (٤/ ١٨٣١) كتاب «الفضائل» ، باب توقيره صلّى الله عليه وسلّم حديث (١٣١/ ١٣٣٧) ، والترمذي (٥/ ٤٥- ٤٦) كتاب «العلم» ، باب في الانتهاء عما نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديث (٢٦٧٩) من طريق همام بن المنبه، عن أبي هريرة به.
(١) ينظر: الطبري (٥/ ٨٦، ٨٧) .
(٢) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي، الزمخشري، جار الله أبو القاسم ولد سنة (٤٦٧ هـ) في زمخشر (من قرى خوارزم) ، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، سافر إلى مكة، فجاور بها زمنا، فلقب بجار الله. أشهر كتبه: «الكشاف» و «أساس البلاغة» و «المفصل» ومن كتبه:
«المقامات» و «مقدمة الأدب» و «نوابغ الكلم» و «ربيع الأبرار» . توفي بالجرجانية بخوارزم سنة (٥٣٨ هـ) .
ينظر: «وفيات الأعيان» (٢/ ٨١) ، «لسان الميزان» (٦/ ٤) ، «الجواهر المضيئة» (٢/ ١٦٠) ، «آداب اللغة» (٣/ ٤٦) ، «الأعلام» (٧/ ١٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>