للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه في عبادتهم العِجْل، وَغَضَبَهُ على أخيه في إِهمال أَمرهم «١» .

قال ابن عباس: لمَّا ألقاها، تكسَّرت، فَرُفِعَ أكثَرُها الذي فيه تفصيلُ كلِّ شيء، وبقي الذي في نُسْخَتِهِ الهدى والرحمة، وهو الذي أخذ «٢» بعد ذلك، قال ابن عبَّاس: كانت الألواح مِنْ زُمُرُّدِ، وقيل: من ياقوتٍ، وقيل: من زَبَرْجَدٍ، وقيل: من خشبٍ، واللَّه أعلم «٣» .

وقوله: ابْنَ أُمَّ استعطافٌ برحمِ الأمِّ إذ هو ألْصَقُ القراباتِ، وقوله: كادُوا، معناه: قاربوا، ولم يَفْعَلُوا، وقوله: وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، يريد: عَبَدَةَ العجْلِ.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٢ الى ١٥٥]

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤) وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥)

وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وقد وقع ذلك النَّيْلُ بهم في عَهْدِ موسى عليه السلام، فالغضبُ والذِّلَّة هو أمرهم بقَتْل أنفسهم، وقال بعض المفسِّرين: الذِّلَّة: الجِزْيَة، ووَجْه هذا القول أن الغضب والذِّلَّة بقيتْ في عَقِبِ هؤلاء، وقال ابن جُرَيْج: الإِشارةُ إلى من مات من عَبَدة العجْل قبل التوبة بقَتْل الأنْفُس، وإِلى مَنْ فَرَّ، فلم يكُنْ حاضراً وقت القَتْلِ «٤» ، والغَضَبُ من اللَّه عزَّ وجلَّ، إِن أخذ بمعنى الإِرادة، فهو صفةُ ذات، وإِن أُخِذ بمعنى العقوبةِ وإِحلالِ النِّقْمة، فهو صفةُ فِعْلٍ، وقوله: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ، المرادُ أَولاً أولئك الَّذين افتَرْوا عَلَى الله سبحانه


(١) أخرجه الطبري (٦/ ٦٥) برقم: (١٥١٣٨) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٧) .
(٢) أخرجه الطبري (٦/ ٦٧) برقم: (١٥١٤٧) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٧) ، والسيوطي (٣/ ٢٣٥) ، وعزاه لأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ٦٧) برقم: (١٥١٤٧) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٢) ، والبغوي (٢/ ١٩٩) ، والسيوطي (٣/ ٢٢٥) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري (٦/ ٧٠- ٧١) برقم: (١٥١٥٧) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>